في ظل عالم يموج بمتغيرات متلاحقة وتحديات متعددة شهدت وسائل الإعلام تطورات كبيرة ,فلم يعد الإعلام وسيلة لنقل الأخبار ومتابعة الأحداث فقط , بل أصبح قاطرة التنمية وصانع العقول، وتأكد ذلك بوضوح أكثر مع الوسائل الحديثة مثل السوشال ميديا وملحقاتها التي جعلت من كل مواطن صحفي بفضل امتلاكه لوسائل قادرة على نقل المعلومة في نفس اللحظة إلى كل أنحاء المعمورة.
لم تكتف هذه الوسائل بتحويل المواطن إلي صحفي، بل جعلته قادراً على التفاعل بشكل لحظى مع تلك الأحداث.
وإذا كانت هذه المتغيرات منحت وسائل الإعلام آليات جديدة للتفاعل والتواصل مع الجمهور الا أن الأزمات التي تجتاح العالم وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على وسائل الإعلام في العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص وخاصة صناعة الصحافة الورقية التي وجدت نفسها تئن من تفوق الوسائل الحديثة وتراجع نهم القارىء للصحيفة الورقية.
هذه الأزمة وضعت الصحف الورقية في مأزق بعد إرتفاع أسعار تكلفة الاصدار نتيجة زيادة أسعار الورق والاحبار. في الوقت نفسه لم يصاحب هذه الزيادة زيادة في التوزيع. بل تراجع التوزيع بشكل حاد وبالتالي تراجعت الإعلانات لتجد الصحف نفسها تحت وطأة أزمة مالية تعصف بالعديد من الدول وخاصة في المؤسسات الصحفية التي لم يتم تاسيسها على قواعد إقتصادية ربحية.
لم يتوقف الأمر بالطبع عند هذا الحد وإنما ترتب على هذه الأزمة العديد من الأزمات الأخرى داخل الصحف من بينها أزمة التوظيف وفتح المجال لمزيد من تأهيل وتدريب الكوادر البشرية في ظل ضعف المخصصات المالية التي يتم رصدها لذلك. مما يستوجب إعادة النظر في آليات وقواعد إنشاء الصحف وفق أسس تضمن لها تحقيق المزيد من العوائد الإقتصادية. ويجعلها قادرة على مواصلة العمل في ظل التحديات الكثيرة ومن هنا ياتي دور المنظمات العاملة في مجال الصحافة والإعلام في مقدمتها الإتحاد الدولي للصحفيين الذي يعقد لأول مرة في دول الخليج العربي وتحديداً في سلطنة عمان، ولاشك أن في ذلك تأكيد على الدور الكبير الذي حققه الإعلام الخليجي، حيث أصبح الإعلام والصحافة تحديدا في دول الخليج قاطرة التنمية وشريك فاعل في صناعة الأحداث بفضل التطورات الكبيرة التي شهدتها الصحافة والاعلام وفي دولة الإمارات العربية المتحدة يشكل الدعم الذي يحظى به الإعلام والإعلاميون من القيادة الرشيدة طوق نجاة
وفي الوقت الذي كانت تعاني فيه وسائل الإعلام من أزمتها الاقتصادية وجدت الكثير من الوسائل ضالتها المفقودة في وسائل التواصل الاجتماعي التي كسرت العديد من القواعد والأعراف والمعايير الصحفية، وبالرغم من ذلك وجدت وسائل الإعلام نفسها مضطرة للحاق بهذا الركب، فأنشأت حسابات لها على منصات "تويتر وفيس بوك وانستجرام وسناب شات وتيك توك وغيرها" بعدما أصبحت المشاهدات الطريق لتحقيق الارباح.
هذه التغيرات المتلاحقة التي شهدتها الصحافة والإعلام على مدار السنوات القليلة الماضية تفرض على الاتحاد الدولي للصحفيين وخلال اجتماع الكونجرس وضع آليات للنشر على هذه المنصات بما يضمن حق القارىء في الحصول على المعلومة الصحيحة حتى لايكون ضحية تزييف الحقائق في ظل هذا السيل الجارف من المعلومات التي يتم نشرها كل لحظة.
ومن هذا المنطلق فإننا نأمل أن يتم دراسة التشريعات والآليات التي تواكب هذه المتغيرات الكبيرة في وسائل نقل المعلومات. وخاصة أن ممارسة التكنولوجيا الحديثة أوجدت ثقافة جديدة علينا التعامل معها وفق قواعد مهنية وليس أهواء وامزجة شخصية.
وكعادتها كانت دولة الإمارات سباقة في هذآ الإطار، حيث صاغت العديد من التشريعات ووضعت الضوابط المهنية والأخلاقية التي تكفل للقارىء حق الحصول على المعرفة ونقل المعلومة والحفاظ على القواعد المجتمعية في آن واحد.
ومن هذا المنطلق فإن الكونجرس العالمي للصحفيين مطالب بتقديم آليات استرشادية لدارسي الصحافة والإعلام حول إحتياجات المستقبل بما يتواكب مع التغييرات والتطورات الجديدة في عالم المهنة وخاصة أن الصحف التي ظلت غير قادرة على القفز فوق التحديات أضطرت للاغلاق حيث شهدت الأعوام الماضية إغلاق العديد من الصحف.
كما نأمل من هذا الكونجرس أن يعزز من قواعد الأمن والحماية للصحفيين وخاصة الذي يعملون في مناطق ساخنة حول العالم في ظل تواتر الاخبار بين الحين والاخبار عن مقتل الصحفيين دون أن نسمع عن عقاب وملاحقة القتله.
وفي النهاية نؤكد إننا لدينا الثقة المطلقة في قدرة الاخوة في سلطنة عمان على نجاح هذا الحدث الذي يعتبر إضافة قوية للاعلام في الخليج والشرق الاوسط. آملين أن يخرج بتوصيات وقرارات تحقق آمال وتطلعات الصحفيين في المنطقة والعالم.
ونحن اثقون كل الثقه من نجاح الأشقاء في سلطنة عمان في استضافة "الكونغرس31" وهم أهل لذلك ونجاحهم يعد نجاح ليس لدولة الامارات العربية المتحدة وحسب بل ولكل دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي و نضع كافة امكانات جمعية الصحفيين الاماراتية تحت تصرف الأشقاء في سلطنة عمان ووفقنا الله وإياهم في هذا الحدث العالمي