إقامة علاقات اعتراف وتعاون وصداقة مع الكيان الصهيوني الغاصب القاتل المدنس للحرمات، كانت وما زالت، وستظل، بلا شك، جريمة مدانة، ونذالة وصفاقة وخيانة، وهو انتكاسة في كل القيم التي تربت عليها الاجيال العربية الحاضرة، والمثل التي تغنت بها حناجر الجماهير العربية في محيطها وخليجها.
لكن لاجديد في علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة بإسرائيل، فهي قديمة، كما هي في كل الدول العرببة، غير ان ضرورة دعم ترمب في انتخابات نفمبر اقتضى تنظيم تلك الجلبة الواسعة في البيت الابيض، والإعلان فيها عن تلك العلاقات كما لو كانت جديدة طارئة.
ليست الإمارات في ذلك بدعا في التطبيع، فدول الخليج، بلا استثناء، كبيرة وصغيرة، قائمة بإرادة أمريكا، راعية لمصالحها، حاضرة عند امرها ونهيها، لا لانها شريرة بطبعها، بل لانها لا تعرف السلام بينها، إلا تحت صولجان قاهر ، ذراع التحكم به في واشنطن.
وحدهم الاغبياء، من صدقوا اللاءات الثلاث المشهورة لقمة الخرطوم العربية، بعيد الهزيمة التي تجرعهتها دول الطوق العربي في حرب حزيران 1967، فقد سقطت تلك اللاءات، تباعا، بموجة المشاريع القادمة من وراء البحار، كان عليها فقط، ان تنتظر السادات؛
معاهدة كامب ديفد المشؤومة وملحقاتها، وتوابعها في وادي عربة وأوسلو، لم يكن أي منها شانا ثنائيا، بل كانت البوابات الكبيرة، المتعددة المسارات التي ولجت منها كل الدول العربية، إلى بيت الطاعة الامريكي، كل بطريقتها، وفي اجلها المرتب في روزنامة إسرائيل.؛
ذاقت بلادنا، من قبل، طعم التطبيع، في خلال موجة رفض شعبي لسلطة معاوية ولد الطايع، في مستهل التسعينات، وكانت حركة ذكية من معاوية، جنى ثمنها داخليا بانشغال الناس بالحدث عن همومهم ومشاكلهم، وخارجيا، حيث فتحت له المؤسسات المالية ابوابها؛
الخوف والطمع، أسباب كافية، ومعها الشعور بالدونية والرضى بها، والاستقواء بالسيد المطاع على الاشقاء والاصدقاء والجيران، والاستسلام لإمعانه في إظهار الاحتقار لخدمه من الدويلات المتصارعة بين اامراعي والمصايد، على الملذات والإشباع والإرواء؛
بات كل العرب اليوم مطبعين، ظاهرا، او باطنا، وقد انتقلت أسرائيل من دائرة العدو الاستراتيجي الدائم، إلى وضع الآمر المطاع، والحليف المرحب به؛ ولتذهب إلى الجحيم الحقائق الدينية، والحقوق التاريخية، والضحايا والشعارات والفصائد والاغاني والأماني.