في باحة مسجد بن عباس وسط العاصمة نواكشوط، احتشد آلاف المصلين لتوديع العلامة الشيخ حمدا ولد التاه، في جنازة رسمية حضرها الوزير الأول محمد ولد بلال مسعود وأعضاء حكومته، ومن المسجد نقل الجثمان إلى مقبرة «المدروم» جنوبي موريتانيا حيث وري الثرى هناك.
الشيخ حمدا الذي ولد ونشأ في مضارب «إگيدي» تعلم القرآن على القارئ المشهور سيدِ ابن والد، وأخذ العلم عن خاليه القاضي محمذن «اميي»، والقاضي حامد ابني ببها وعن العلامة محمد عالي بن محنض والعلامة گراي ابن أحمد يور.
يصف الراحل حمدا ظروف طلبه للعلم في إحدى مقابلاته التلفزيونية، أنها كانت دراسة تحت الخيام في البدو «لكنها بداوة مثقفة، كنا نتعلم كل العلوم الإسلامية والعربية وحتى الرياضيات والفلكيات».
انتقل حمدا في مراحل لاحقة من دراسته إلى تونس، وعن هذه الفترة يقول إنها كانت «دراسة للكيف وليست الكم، فقد جاء من موريتانيا مع رفقاء وهم يحملون كل العلوم الشرعية، لكن تنقصهم المنهجية».
وتقلد حمدا وظائف هامة في موريتانيا منها إدارة التوجيه الإسلامي، ووزارة الشؤون الإسلامية، وعضوية المجلس الإسلامي الأعلى، والأمانة العامة لرابطة علماء موريتانيا، وعضوية المجلس الأعلى للفتوى والمظالم.
واشتهر الراحل بمعرفته الواسعة بعلم الأصول ومقاصد الشريعة، فله محاضرات ومساجلات ذائعة الصيت في هذا المجال، بالإضافة إلى أنه من كبار مفكري العلوم الإسلامية.
وخلف العلامة الراحل رصيدا أدبيا غنيا من فصيح الشعر وشعبيه، كما أن لديه مشاعرات شهيرة مع معاصريه من العلماء؛ أمثال الشيخ الراحل محمد سالم ولد عدود.
ونعى الموريتانيون الراحل في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث غرد وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، محمد سالم ولد مرزوك على حسابه على «أكس» قائلا: «برحيل المغفور له حمدا ولد التاه فقدت بلادنا والأمة الإسلامية علما من أعلامها ورائدا من رواد مشوارها الفكري والعلمي».