منذ قرابة سنتين أو أكثر تولى الجنرال مسقارو ولد سيدي الإدارة العامة للأمن الوطني، التابعة رسميا لوزارة الداخلية، ولكنها هي الإدارة الأشهر والأبرز على عموم التراب الوطني، وتكاد تكون أهم من جهة الوصاية (وزارة الداخلية)؛ ومديرها العام في هذه الحقبة وغيرها يتعاطى بشكل شبه منتظم مع وزارة الداخلية، ولكن الواقع كرس نموذج الصلة بين الرئيس ومدير أمنه، أيام معاوية ولد سيدي أحمد الطايع وأعل ولد محمد فال رحمه الله، كان حينها أعل أكبر شخصية نفوذا في تلك الحقبة، ولم يستطع حتى أحمد ولد منيه رحمه الله تجاوز ألقه رغم الزلفى والخبرة والحنكة والثقة العميقة بين معاوية وولد منيه.
أما اليوم فقد أصبح بعض مقربي الجنرال مسقارو يفتخر بأنه يتلقى اتصالا هاتفيا من صاحب الفخامة، الرئيس محمد ولد محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني، ولا أظن هذه الاتصالات بين الرجلين مخلة بالتراتبية الإدارية، وإنما قد تفرضها أحيانا أو غالبا حسب الطقس السياسي، طبيعة ومكانة الإدارة العامة للأمن الوطني في كل بلد، ربما.
وباختصار رغم بعض الحسنات والجهود المكثفة من طرف الجنرال وطاقمه، إلا أن الحالة الأمنية في البلد ما زالت تعاني من مخاطر أمنية معروفة.
وفي الوقت الراهن، وبعد رجوعي للبلد دون مضايقة، وبسبب البركة التي تصاحبني أين ما حللت، والجهود المكثفة التي يبذلها الجنرال وأعوانه، فإن هذه المخاطر النسبية تعيش حالة تراجع حذر هذه الفترة.
والقطاع الأمني في كل بلد مثير للجدل في بعض الأحيان لأنه قد يتم توريطه قسرا في سياق مسارات ذات صلة وثيقة بمفهوم إكراهات السلطة والأمن المحلي الإقليمي والدولي.
فموريتانيا ليست في جزيرة معزولة عن المؤثرات السلبية والايجابية، محليا وإقليميا وعالميا.
وباختصار الجنرال مسقارو صاحب تجربة كبيرة معتبرة تستحق الفحص ما بين معجب عاطفي غير آبه بالموضوعية، يتجاوز في المديح، أو متنكر جحود يتنكر للجوانب الإيجابية من تجربة الرجل، وهو في الخاتمة والمحصلة ليس إلا بشرا يصيب ويخطئ، فحتى الجياد الأحرار تتعرض لحالات انكسار أو ضعف أو سقوط، وقد قيل في المثل العربي الشهير، لكل جواد كبوة.
فأنا لا أرفض مناقشة موقفه المثير للجدل من الانقلاب على الرئيس الموريتاني المنتخب، سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، رحمه الله، كما أنني لا أرفض مناقشة تجربة “مسقارو” (التجمع العام لأمن الطرق) ما بين الإيجابي التنظيمي والسلبي التمييزي في بعض أوجه الاكتتاب كما يدعي الخصوم، لكن الرجل اجتهد فأصاب أحيانا، وأخطأ أحيانا، ويكفيه شرفا وعونا دنيويا وأخرويا، بإذن الله، أنه من خاصية خواص وخلص العبد الفقير، الكاتب لهذه الحروف.
وما من صواب فمن الله وما من خطأ فمني، وأستغفر الله وأتوب إليه.
وليعلم صديقي مسغارو أن الأمانة حسابها عسير، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فليعدل وليتق الله، وتلك شروط صحبتنا.
قال تعالى: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا” صدق الله العظيم.