صندوق الدعم العمومي للصحافة الخاصة أنشأته الحكومة كمصدر بديل عن الدعم التقليدي للصحافة (الإشهارات والاشتراكات والدعم في القطاع العمومي)، حيث رصدت له غلافا ماليا وأصدرت مراسيم خاصة بتعيين لجان تسييره لضمان نزاهته وشفافية تسيير هذا الدعم الحكومي الوحيد للصحافة الخاصة، ولم يحظ هذا الصندوق بتسيير شفاف بعد إنشاء اول لجنة قامت بوضع معايير واضحة ومحددة مكنت من توزيع موارد الصندوق بما جاء متطابقا مع المعايير التي تم نشرها للعموم تماما كما تم نشر كافة تفاصيل وبنود صرف تلك الموارد وهو ما ترك انطباعا حسنا عن أعضاء تلك اللجنة الذين يذكرهم الجميع بالخير وبالنزاهة والاستقامة وبعد النظر خاصة إذا علمنا أن عملهم الذي استمر عدة أشهر كان تطوعيا ولم يتقاضوا عنه أوقية واحدة.
ولم تخل لجان أخرى لاحقة من بقية اخلاق وحياء وشيء من التقوى حيث حاولت ان تجتهد وتتعاطى مع المؤسسات والمنظمات الصحفية بقدر من الموضوعية ولكل مجتهد نصيب.
غير ان لجنة تسيير موارد الصندوق الأخيرة قدمت نتائج عمل أشبه ما تكون بنتائج تسسير صيادي سمك لإدارة شؤون امنية وعلى طريقة قسمة "گابون" المعروفة في المأثور الشعبي. فما حصل عليه عضو واحد في اللجنة يساوي ضعفي ما حصلت عليه مؤسسة صحفية عريقة بصحيفتها التي تصدر منذ ربع قرن وموقعها القائم والنشط منذ 11 عاما، كما أن المقربين من اعضاء اللجنة ومن السلطة العليا للصحافة ووزارة الثقافة حصلوا على مبالغ لم يحصلوا عليها من قبل حين كانت اللجان تعمل ببعض من الحياء و الأخلاق والمهنية.
ما يؤسف له هو ان "يعطي من لا يملك لمن لا يستحق ثم يسلب من لا يملك ومن لا يستحق صاحب الحق الشرعي حقه في ما يملك وفي ما يستحق".
ولعل هؤلاء جميعا من مسؤولين في "مكاتبهم" و"عملاء" لهؤلاء واولئك لا يدركون انهم تعروا تماما وأصبحوا مكشوفين للجميع، فما قاموا به، كما تقدم، هو أشبه ما يكون بتسيير صيادي سمك لملف أمني، او تسيير خلية أمنية لملف ثقافي متعدد الأبعاد.
ومع ذلك فسيبقى ما ينفع الناس ماكثا في الأرض وسيذهب الزبد جفاء واغلب هؤلاء زبد لا خير فيه.
نتمنى ان تدرك وزارة الثقافة حجم وخطورة الجرم الذي ارتكبته في اختيارها لهذه "الخلايا" التي حددت (اهدافها) ومستهدفيها وضحاياها حين بدأ نسج خيوط تشكيلها في دهاليز وزارة الوصاية، فكانت الأولوية للمقربين من أصدقاء وخصوصيين حتى ولو كانت (مؤسساتهم) لا تحظى بحد ادنى من المقبولية. لكن يكفي ان اللجنة تضم من يدافع عنهم ويستر نواقصهم.
لقد انتهى عمل لجنة "الخلية" وسيبقى المهنيون مهنيين حاضرين في المشهد الإعلامي المشوه دون ان يعيق هذا التشويه المتعمد مسيرتهم ولا نقاءهم ولا نظافة أيديهم و(تاريخهم)
والمعول الأكبر على رئيس الجمهورية الذي وعد بالإصلاح فاستبقه لوبي "الخلية" لمزيد من تشويه المشهد الإعلامي وللتشويش على مسار الإصلاح المنشود.
وفي الأخير نرفع القبعة للاتحاد المهني للصحف المستقلة في موريتانيا، الذي ناله نصيبه من تصفية حسابات أعضاء اللجنة، بعد رفعه دعوى قضائية رفضا لهذا المسار العبثي وحرصا على احترام الصحافة المهنية.
التواصل