قررت لجنة التحقيق البرلمانية توجيه استدعاء للرئيس السابق، محمد ولد عبدالعزيز، للاستماع إليه في ملفات "مثيرة للجدل" تخص فترة تسييره للبلاد (2008 - 2019).
وأكدت مصادر "الصحراء" أن اللجنة ستطلب حضور ولد عبدالعزيز الخميس المقبل، ولا يعرف كيف سيكون رد ولد عبدالعزيز على طلب اللجنة، لكن الأخيرة لوحت، في مؤتمر صحفي صباح 13 من مارس الماضي، أنها ستستخدم القوة العمومية لإحضار كل من يرفض المثول أمامها إذا ما طلبت منه ذلك.
استدعاء غير مسبوق..
يُعد استدعاء رئيس سابق للمثول أمام لجنة برلمانية سابقة في تاريخ موريتانيا، لكن في عام 2008، بعد الانقلاب الذي قاده الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، استدعت لجنة برلمانية ختو بنت البخاري، وهي زوجة الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ الله، وحين رفضت المثول أمام اللجنة، جرى إحضارها بالقوة.
تعليقا على هذه التطورات، قال فقيهان دستوريان، تحدثا إلى "الصحراء"، إن الاستماع إلى أي مسؤول من طرف لجنة التحقيق البرلمانية، لا يعني توجيه الاتهام إليه لاحقا، خاصة أن "اللجنة البرلمانية ذات طابع سياسي، ولاتوجه اتهامات لأنها ليست ذات طابع قضائي، وفي هذه الحالة فإن الجمعية، بعد الاطلاع على تقرير اللجنة، هي التي توجه الاتهام".
القانون النظامي..
وأضافا أن دستور 20 يوليو 1991 بوّب على محكمة العدل السامية، لكن القانون النظامي الخاص بها لم يصدر إلا في عهد أولى حكومات الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، ولاحقا جاءت التعديلات الدستورية في أغسطس 2017، وغيرت شكل البرلمان من غرفتين إلى غرفة واحدة، ونص الدستور المعدل على أن قانونا نظاميا سيصدر بخصوص محكمة العدل السامية، المختصة في محاكمة الرئيس وكبار المسؤولين في الدولة.
ووفقا للدستور فإن رئيس الجمهورية لا يحاكم إلا بتهمة واحدة، وهي "الخيانة العظمى"، ولا تحاكمه سوى محكمة العدل السامية، وكلا الأمرين يتطلب صدور قانون نظامي جديد للمحكمة، يحدد إجراءات تشكيلتها كما يحدد "الخيانة العظمى".
وبخصوص الحصانة، اتفق الفقيهان الدستوريان، على أن أي رئيس سابق لا يتمتع بأي حصانة تمنع مثوله أمام لجنة تحقيق برلمانية، فكل ما يتمتع به هو حصانة دبلوماسية، بموجبها يحق له الحصول على جواز سفر دبلوماسي مدى الحياة، مثله في ذلك مثل، أي وزير أول، وأي وزير للخارجية.
وتختلف النظم الدستورية في طريقة توجيه التهم إلى الرؤساء وكبار المسؤولين، فبعض الأنظمة تجعل تلك المحاكمة من تخصص المجلس الدستوري، أو المحكمة الدستورية العليا، وبعضها يجعل توجيه الاتهام من حق النواب، على أن يبت في ذلك مجلس الشيوخ، كما هو الحال في النظام الأميركي.
إلى أن يقرر الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز (63 عامًا)، بشأن مثوله أمام لجنة التحقيق البرلمانية، فإن الحادثة ستظل هي الأولى من نوعها في تاريخ هذا البلد، وربما تعيد الموريتانيين إلى مربع السياسة بعد نحو شهر من هيمنة كاملة لفيروس "كورونا" على الشأن العام، حديثا وقرارات.