السؤال: ملخص الاستفتاء: يقول السائل: أنا شاب متزوج منذ سنتين، في يوم تشاجرت مع زوجتي وطلقتها بإحدى كنايات الطلاق وارتجعتها واحتسبت تلك التطليقة، ثم بعد فترة طلقتها.
وفي أسبوعها الأول من العدة اتصل بي أحد أصدقائي وسألني عما إذا كنت قد حرمتها فقلت له إنها لم تحرم، ولكن فلتكن كذلك أي أنها حرام قلت ذلك وكأني مدفوع إلى قوله تفاخرا.
بعد لحظات ندمت ندما شديدا لما بدر مني، ولأن زوجتي فقيرة ولي ولد منها بحثت في الإنترنت فوجدت بعض العلماء يقولون بعدم وقوع الطلاق في الطهر الذي حصل فيه جماع مع العلم أني أنا وزوجتي كلانا يرجح أن هذا الطلاق حصل في طهر فيه جماع، لأسباب منها أنني كنت دائما معها، وبعد طلاقي لها أتتها العادة الشهرية وفي أسبوعها الأول من الطلاق وجدت في بحثي أن الطلاق لا يقع إلا بعد رجعة وعدة.
أعلم أنه ليس لي حق الترجيح بين أقوال العلماء لذلك رفعت إليكم الأمر.
الجـواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛
أما بعد:فالجواب أن الانترنت وغيرها من الكتب لا يجوز أخذ العلم منها والاعتماد على ما فيها لمن لم يكن قد درس العلم سابقا على العلماء لأن العلم بالتعلم من أفواه الرجال لا من بطون الكتب.
وقد قال البساطي رحمه الله: "من أخذ الفقه من بطون الكتب غَيَّرَ الأحكام، ومن أخذ النحو من الكتب لحن في الكلام ومن أخذ التصوف من الكتب مرق من الإسلام ومن أخذ الطب من الكتب قتل الأنام" .
ولله در الإمام أبي حيان حيث يقول:
يظن الغمر أن الكتب تهدي أخـــــا فهم لإدراك العلـــوم
وما يدري الجهول بأن فيها غوامض حيــرت فهـم الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيــخ ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى تكــون أضــل من تؤم الحكيم
وقوله أيضا:
أمدعيـــا علمـــــا وليس بقارئ كتابا على شيخ به يسهل الحزن
أتزعم أن الذهن يوضح مشكلا بلا موضـح كلا لقد كذب الذهن
وقد أشار إلى ذلك العراقي في ألفية الحديث بقوله:
والأخذ من أفواههم لا الكتب أدفع للتصحيف فاسمع وادْأَبِ الخ...
وفي نوازل عبد القادر الفاسي رحمه الله تعالي ما نصه:"وقد أفتى أئمة المذهب كالقابسي واللخمي وابن رشد بأنه لا تجوز الفتوى من الكتب المشهورة لمن لم يقرأها على الشيوخ فضلا عن الكتب الغريبة فلا بد من شيخ يعرف محاملها ويميز صحيحها من سقيمها" .
وأما كون الطلاق لا يقع إلا بعد رجعة وعدة فذلك مخالف لنصوص المالكية، ففي مختصر خليل أثناء تعداده لشروط طلاق السنة وما يتعلق به فصل طلاق السنة واحدة بطهر لم يمس فيه بلا عدة وإلا فبدعي الخ...
إلا أن الطلاق بالطهر الذي مس فيه أو في العدة أي أردف في العدة طلقة أخرى أو أكثر من واحدة بدعيٌّ، وهو مكروه ولم يجبر على الرجعة غير أنه لازم.
وقد أشار إلى ذلك في الكفاف بقوله:
" يكره في العدة واثنتان طهر به سرَّ ويلزمان
وكونك مباهيا أو هازلا أو لاعبا لا يغير شيئا لأنه من المعلوم المعمول به أن هناك مسائل هزلهن جد وجدهن جد ومنها : الطلاق والنكاح كما أشار له خليل بقوله تمشيا مع المشهور فيه ولزم ولو هزل، الخ...
الخلاصة:
خلاصة الإجابة: أن هذه الزوجة بانت من زوجها بينونة كبرى فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.