قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق؛ فلهم النار يوم القيامة)، رواه البخاري.
يُعتبر المال العام ركيزة أساسية من ركائز نهضة ونمو أي شعب من الشعوب، إذ يشمل المال العام كل ما لم يتحدّد له مالك من النقود، والأراضي، والمصانع، والمعدّات، والأدوات، والمقتنيات، والموارد الطبيعيّة، والمعالم الأثريّة، وما إلى ذلك، فهذه الأموال كلّها هي أساساً ملك لكل المواطنين الذين يعيشون على أرض الوطن، وهي التي تُستعمل لخدمتهم جميعاً لا تفضيل لأحد فيهم على الآخر.
يتعرّض المال العام للاعتداءات من قبل ضعيفي النفوس، بشكل مستمر، وبأشكال وصور مختلفة، فمن أشكال الاعتداءات على المال العام السرقة، والاختلاسات، والتشويه، والتكسير، واستخدامه للمنافع الشخصية، والعديد من أنواع الاعتداءات الأخرى، وهذه الاعتداءات تشكل تهديداً مباشراً للأمن الاقتصادي؛ لما لها من آثار سلبية على اقتصاد الدولة، فكلما ازداد الاعتداء على المال العام ازدادت قضايا الفساد، ومحاولات الاختلاس، وكان ذلك على حساب المصلحة العامة التي يجب أن تعلو ولا يعلى عليها.
صيانة المال العام من أولى الأولويات، حيث تكون بزيادة نسبة الوعي لدى المواطنين منذ مراحلهم العمرية الأولى، عن طريق بث القيم الحميدة بينهم، وتنبيههم إلى مغبة الإقدام على انتهاك حرمة الممتلكات العامة. كما ويجب أن تشدد العقوبات على كل من تسوّل له نفسه الإضرار بالمال العام بأي وسيلة كانت، وهنا يجب الانتباه إلى ضرورة وأهميّة أن يكون الجميع سواسية أمام القانون، فالعدل في تطبيق القانون من أهم الأمور التي تحافظ على التوازن في المجتمع، وعلى هيبة الدولة أمام الناس.
إضافة إلى ذلك، فعلى علماء الدين دور كبير في هذا المجال، من خلال تنبيه الناس إلى الأمور الحساسة والبسيطة والتي تتضمن شكلاً من أشكال انتهاك المال العام، فمثل هذه الأمور قد توقع الناس في المهالك يوم الحساب -لا قدر الله- وهم لا يعلمون.
حفظ المال العام من العبث، وعمليات التخريب مسؤولية وطنية، وأولوية دينية، وقيمة أخلاقية، تظهر مدى رقي الشعب وتقدمه، فكلما كان الشعب أكثر تحضُّراً حافظ على المال العام، لهذا يبنغي الاهتمام بالثروات الوطنية، والمال العام حتى يصيب الخير جميع المواطنين ساهموا في بناء وطنهم بعرقهم، وعرق آبائهم، وأبنائهم من بعدهم.