إلى متي ؟
علمنا واقنعنا تاريخ وتجارب الأمم السالفة كما علما دننا الحنيف أن أي أمة أو شعب على المعمورة تحتاج إلى الوحدة من أجل البناء والتشييد، إلى الأنسجام و التناغم من أجل رفع التحديات التي تواجهها ، تحتاج إلى التخلي عن ماكفيلية الفرد في سبيل شمولية النتائج، تحتاج إلى وضع نسق فكري فوقي بعيدا عن الذاتية ومنطق الأنا .
إننا كشعب مختلف الاعراق و الشرائح، وهذا الاختلاف هو الذي يشكل قوته ، تجمعه العقيدة والتاريخ والأرض. علينا أن نوحد الأهداف الوطنية الكبرى. التي نسعى إليها من أجل أن نحافظ على وحدتنا فما دام الهدف واحد فإن الوحدة تبقى مسلمة في حد ذاتها لأن النتائج المترتبة على تحقيق الهدف مشتركة وثابتة، أما إذا كان مسعانا تحقيق أهداف مختلفة فتكون الوحدة مستحيلة لإن المنطلق مختلف وآليات الوصول أكثر اختلافا وتشتتا. إن تحقيق أي هدف مشترك مهما كان ينبني على مراعاة المصلحة العامة وبالتالي يبقى توحيد هذه المصالح هدفا في حد ذاته لأن أى مصلحة عرقية أو شرائحية تعتبر انتكاسة كبيرة إذا لم تنبني على تحقيق المصالح الفئات و الشرائح الأخرى.
إن البحث المتأني و العقلاني لآلية إنهاء الصراعات بكل أنواعها أثبت أن الوقوف دون هذه الصراعات يتطلب من الحاكم خلق قوانين وآليات للولوج إلى الطريق الوحيد و هي الحفاظ على مصالح الجميع بتوحيدها دون غبن أو حيف من أى فئة أو عرق أو شريحة، وبالتالي فإن أي فرد يتحمل مسؤوليته مهما كانت ومهما كان، مطالب بمراعاة مصالح الجميع دون استثناء وأن يكون هذا المبدأ أولوية الأولويات لدى القائمين على الشأن العام لأنه عندما تتم القناعة لدى الجميع بوحدة المصالح ستنجح في كسب المطلوب لأن كل منا اصبح يدافع عن مصلحته دون أن يدري. كما يجب على كل منا أن يحترم هذه الآلية و الدفاع المستمر عنها، وبذلك يكون أدى واجبه بروح من الوطنية والمسؤولية العالية التي تتطلبها الدولة المدنية الحديثة القابلة الإستمرار.