إذا صح أن ثقافة المجتمع أقوى من القانون فإن ذلك هو الذي قد يفسر ما عليه غالب طبع أهل هذه البلاد في اعتماد لسلوك الفوضى والغرق إلى الودجين في تناقضات شديدة تشمل وجهي القول والفعل، وفي غياب الجد واستحكام أسلوب الهزل في التعاملات وُالتحايل باستخدام الدين وتشويهه للتغطية الجريئة على السلوكيات المخالفة لعظيم روحه وسامي تعاليمه الصادقة السمحة.
لا شك أن البلد تغرق في موجة من التهافت على حطام الدنيا بكل الأساليب الملتوية بدء بالمال العام الذي يستنزف باسم القبلية الظالمة والعشائرية الضيقة والوة الغاشمة بالسلطة والمال. وما البحث المضني والمحموم عن التعيينات الحكومية إلا تجسيدا لذلك. ولكن الأدهى والأمر من هذا تجسد فيما سبق في أمرين بالغي الخطورة على مسار البلد :
• أولهما استئثار الأقوياء، على خلفية القوة الغاشمة والجاه المصطنع والمال المغتصب، بالنسبة الكبيرة من هذه التعيينات المحاصصية علنا أو ضمنيا طبقا لاعتبارات الخارطة المجتمعية "السيباتية" العصية على التغيير والزوال،
• ثانيهما تمييع قطاعات الدولة وإدارتها ومؤسساتها واقتصادها من خلال إغراقها بالغث الذي تقذف به المحصصات النتنة في كل مفاصلها وداخل أجهزتها كالفيروسات القاتلة، وتزرع في أحشائها قوالب الظلم والإقصاء وتهميش القدرات والطاقات.