منذ نشأة المجتمعات الإنسانية ظهرت العبودية وفق التقسيم الطبقي، حيث ينقسم البشر وفق البناء الاجتماعي إلى فئتين: فئة مالكة وفئة مملوكة..
وتقول المنظمة الدولية المناهضة للعبودية إن الاسترقاق ينتشر في جميع أنحاء العالم، غير أنه يزدهر في المناطق التي يضعف فيها حكم القانون، وينتشر الفساد دون رادع..
في سنة 1981م سنت السلطات الموريتانية قانونا يقضي على العبودية ويحرمها، بناء على فتوى دينية أصدرها جمع غفير من علماء البلد..توجت بتجريم العبودية في الدستور الموريتاني في الألفية الثالثة سنة 2011م.
هناك بعض الهيئات الدولية بالتعاون مع موريتانيين في الداخل والخارج..ترسل تقاريرها بين الفينة والأخرى للنيل من موريتانيا والحصول على ملايين الدولارات من المجتمع الدولي ..
نحن لا ننكر أنه وجدت في هذه البلاد عبودية قبل استقلال الدولة الموريتانية سنة 1960م حيث نص دستورها على مبدأ المساواة الكاملة بين الموريتانيين بغض النظر عن مشاربهم العرقية والاجتماعية مثل جميع دول العالم حتى التي تعتبر نفسها مهدا للديمقراطية والحرية ودولة المؤسسات بدليل أنك لن تجد في هذه دول حقيبة وزيرا ولا مديرا ولا موظف سام إلا في حالات نادرة..
في موريتانيا الجديدة هناك خمس وزارات سيادية لهذه الشريحة ناهيك عن عشرات المديرين ورؤساء المصالح...
في العالم العربي والأمريكي والأوربي لا يوجد وزيرا واحدا من هذه الشريحة...؟!
تعترف الدولة الموريتانية أن هناك "آثارا للعبودية" نتجت عن ماقبل الدولة الحديثة..
وقد أنشأت لها وكالة لمكافحة ماأسمته بآثار الرق..وتحاول هذه الوكالة أن تقيم مشاريع لتحسين الظروف من أبناء هذه الشريحة..
ولكن هناك عبودية مشروعة لا تتعلق باللون بل قد يكون عبيد اللون أسياد انها عبودية الوظيفة أنها تستنزف من الفرد أيا كان هذا الفرد أثمن وقته وتسلب منه كل طاقته ثم ترمي له بمرتب زهيد لا يساوي ما يبذله من جهد وتعب... فهي تجعل الإنسان عبدا يمارس عليه الرق،مقابل هذا الراتب..!!
فهو يعمل ثم يعمل من أجل أن يأكل ويشرب ويقتني بعض حاجياته ولا يتعدى ذلك، وهذه هي: العبودية في أبشع صورها !
استقال المفكر المصري عباس محمود العقاد من وظيفته مشبها إياها بالرقيق في الأزمنة القديمة..!!
يقول الفيلسوف الألماني نتشة: "اليوم، وكما كان الوضع دائما، ينقسم الناس إلى مجموعتين: عبيد وأحرار. ومن لا يملك ثلثي يومه لنفسه فهو عبد، أيا ما كانت وظيفته: رجل دولة، رجل أعمال، موظف، أو عالم).
ويقول المفكر الأمريكي ناعوم تشومسكي في أحد لقاءاته: "إن عبودية الأجر لا تختلف كثيرا عن عبودية الرقيق، وإلى وقت قريب لم يكن هذا رأيا غريبا بل شائعا، فقد كان هناك اعتقاد سائد بأن الفرق الوحيد بين العمل للأجر والعمل كرقيق هو أن العمل للأجر من المفترض أن يكون مؤقتا بينما العمل كرقيق أمر دائم ). ويرى أن الفروقات بين عبودية الرقيق وعبودية الموظفين بسيطة جداً: قديما كان الرقيق يُباعون ويُشترون، أما الآن فإن البشر يُؤجرون، ولا يوجد فرق كبير بين أن تبيع نفسك وأن تؤجر نفسك ).
(ويشرح ماركس هذا التغير في شكل العبودية من رق الإقطاع الزراعي التقليدي إلى الوظيفة الحديثة قائلا: "خلال عملية حظر الرق لم يزعم أحد بأن الثروة أو امتيازاتها قد أُلغيت.. ومن ثم كان لزاما أن تبقى الأشياء كما هي مع اختلاف الأسماء فقط.. العبودية إذن خُلدت في الأرض، لكن تحت اسم ألطف، إنها الآن مزينة باسم الخدمة [الوظيفة].
هذا الاسم اللطيف [الوظيفة] جعل الناس يتقبلون فكرة العمل لدى سيد تحت عنوان "موظف" وليس "عبد"، لكن رغم اختلاف اللفظين فإن المعنى تقريبا واحد، ولهذا يرى ديفيد جريبر، أستاذ الأنثروبولوجي في مدرسة لندن الاقتصادية، أن أول الوظائف العمالية التي ظهرت عقب الثورة الصناعية نشأت في البداية داخل مزارع العبيد، ويقول: "عوضا عن أن الناس كانوا يشتروننا ويؤجروننا، أصبحنا نؤجر أنفسنا بأنفسنا..
ويصرح تشومسكي في لقاء آخر: "إن عبودية الأجر لا تختلف كثيرا عن عبودية الرقيق، وإلى وقت قريب لم يكن هذا رأيا غريبا بل شائعا، فقد كان هناك اعتقاد سائد بأن الفرق الوحيد بين العمل للأجر والعمل كرقيق هو أن العمل للأجر من المفترض أن يكون مؤقتا بينما العمل كرقيق أمر دائم"
هذه العبودية الوظيفية الحديثة هي ما دفعت فريدريك دوجلاس، أحد العبيد الأفارقة في الولايات المتحدة الأميركية الذين تخلصوا من جحيم الرق للرجل الأبيض واستطاع أن يحرر نفسه، إلى أن يقول عقب تحريره من الرق:
"تظهر الخبرة إلى أنه ربما يكون هناك (عبودية للأجر) ولكنها أقل إزعاجا في آثارها من الرق التقليدي، هذه العبودية للأجر يجب أن يتم التخلص منها مع مثيلتها الرق"(*).
تأسييسا على ماسبق نجد أنه اليوم لم يعد موجودا الى عبودية الوظيفة !! وهي عبودية مشروعة.. تمارس علينا جميعا وليس عبودية اللون التي لم تعد موجودة.