كم شريطا مصورا ومسجلا شاهدت وسمعت لعشرات ولائم ومحافل الزهو والكبر والافتخار بالأنساب والتباهي بالمال المتسرب من أقبية الشيطان والهابط من تلاع التبييض والمغتصب من خزينة الدولة، وبالصلاح المعتق بالتغني بسلاسل الأنساب وأمجاد الأمم الخوالي، وبالإغداق المسرف على "القوافي" المحيية بما لم يحيي به الله.
وكم آلمني أن تضيع اللغة ،"العاجزة" في المدارس عن رفع مستوى تعليم يحتضر، في حانات الابتذال لتسكر بشجوها غرور زنادقة الوطن وقاتلي كيتنه وباسطي جناح الظلم على شعبه المغلوب على أمره.
فلماذا يمتهن الشعراء الشعر ويقرضوه عاريا من ثوبه البهي الذي خيط له في أزل الأدب من السندس والاستبرق، ويبيحون عزته وسموه لمن رغبا؟ وهل يجوز حقا تسميتهم بالشعراء بعد هذا التقصير والقصور والعجز عن إطلاقهم أعنة خيول الإبداع في ساحات وميادين ومضامير سباق الأحرف الوضاءة؟
تبا لهم وويل من محكمة الشعر التي قد تمهلهم فترة إرهاصات الدولة المدنية التي ما والت عصية على رواسب البداوة القاسية، ولكنها لن تهمل جنايتهم على سمو اللغة ونبلها.
هل يتداركون أمرهم المكشوف فيكسوا من جديد شعرهم أثوابه النبيلة القشيبة؟