هل من الحكمة في شيء الاستمرار في التهاون بأهم مؤسسات النظام السياسي للبلاد؟
تمضي موريتانيا بخطى متثاقلة نحو عملية تناوب على السلطة هي الأولى من نوعها بين رئيس منتخب، منتهية ولايته وغير قادر على الترشح لمأمورية جديدة، وآخر ينتظر الرأي العام بكثير من الفضول ظهوره للعلن، حتى قبل أن تمنحه صناديق الاقتراع شرعية قيادة دفة الحكم لخمس سنوات قادمة.
يجري الحديث كثيرا داخل الطبقة السياسية عن الرئيس القادم ومواصفاته، لكن من دون أن يعني ذلك بروز المستوى المطلوب من الجدية في التعاطي مع حدث بحجم الاستحقاقات الرئاسية، وكأن رئاسة الجمهورية تصبح أمرا غير جدير بالاهتمام حين يكون الرئيس الحالي ملزما بمغادرة كرسيه وحين تكون معارضته لا تجد من بين قادتها من هو جاهز لخوض غمار المنافسة !
تتبع السلطة استراتيجية تتسم بالتناقض وتفضل أن تبدو وكأنها لم تختر مرشحها بعد أو كأن لديها خيارات متعددة وما يزال أمامها متسع من الوقت للمفاضلة فيما بينها، بينما تظل المعارضة غير قادرة على الجلوس إلى طاولة واحدة وإن كانت تجد ما يكفي من التفاؤل للحديث عن إمكانية تقدمها بمرشح موحد.
وفي الواقع فإنه مخطئ في زمن ثورة الاتصال والشعبوية وانفجار المطالب والصراعات الاجتماعية، من يتصور بأنه يمتلك حظوة تشبيك السواعد وانتظار ساعة الصفر لسرقة الانتصار. كما أنه مخطئ من يظن بأن الفترة المتبقية قبل الانتخابات لم تعد كافية لأن يحصل خلالها تحول في مواقف الرأي العام من هذا الطرف أو ذاك !
لقد أثبتت التحولات الجارية في العالم وفي بلادنا، أن مجرد الوجود في السلطة لم يعد امتيازا كافيا لحسم المنافسات الانتخابية، وأن المجازفة بالتحضير السيئ للانتخابات أو التقدم بأشباه المرشحين، قد يأتي بنتائج صادمة ومخيبة للآمال. ومع ذلك يستمر مختلف الفرقاء في التأجيل وفي التمادي في التأجيل، لدرجة أن السلطة تماطل منذ فترة حتى في عقد مؤتمر حزبها الحاكم !
لكن هل يغير كل ذلك من حقيقة أن موريتانيا هي بالفعل على موعد مع رئيس جديد منتصف عام 2019؟ وأن الرئيس القادم، وحتى إشعار آخر، سيتمتع بصلاحيات جد واسعة لتسيير شؤون البلاد تخوله بأن يصبح الشخصية الأهم والأقوى خلال مأمورية من خمس سنوات؟
أقلام حرة