خضت جدالا طويلا مع موظفة الحجز بشركة الطيران استمر لنحو 20 دقيقة، إذ كنت أحاول إقناعها بتغيير موعد رحلتي- القابل للتغيير. لكن الموظفة أصرت على الرفض، وقالت مرارا: "لا، هذا مستحيل".
لكنني حافظت على هدوئي أثناء الحديث، ورحت أتخيل صورة شقتي الباريسية ذات المرايا المطلية بالذهب على طراز القرن التاسع عشر ونقوش الزهور التي تزين السقف. فقد تعلمت طيلة السنوات الـ 18 الماضية، أن أنظر إلى مظاهر الجمال من حولي كوسيلة للتأقلم مع الحياة في مجتمع يجيب على كل سؤال أو طلب أو اقتراح تلقائيا بالنفي القاطع.
وعندما سألت أصدقائي وأقاربي الفرنسيين عن أسباب إكثارهم من قول كلمة "لا" دون تفكير، أجاب المدير التنفيذي البالغ من العمر 60 عاما: "لا، هذا ليس صحيحا، نحن لا نجيب دائما بالنفي"، بينما قال الآخر الذي يعمل في سلك المحاماة: "لا، قد تكوني على حق، قد نجيب بالنفي، حتى في حالة الموافقة".
ويفسر أوليفييه جيرو، الممثل الكوميدي الفرنسي، ومقدم برنامج "كيف تصبح باريسيا في ساعة" الذي يسلط الضوء على الجوانب الثقافية الفرنسية، اعتياد الفرنسيين على الإجابة بالنفي تلقائيا بالقول إن البدء بالرفض قد يفتح بابا للموافقة لاحقا، لكن إذا بادرت بالموافقة لن تستطيع الرفض فيما بعد. ويشير إلى أن الشعب الفرنسي شعب ثوري، دأب على الاحتجاج في مختلف العصور.