ختاما للعشرية وكما وعدتكم، هذه كلمة الوداع؛
فتحت معكم باب التواصل عبر هذه المنتديات الجميلة في العام 2015. ولم يكن الأمر مقبولا ولا مستساغا لدى الناس، وخاصة لدى أولادي وأسرتي وأصدقائي المقربين.. هبّ الجميع في لومي وترطالي ولسان الحال يقول:"أتصبو بُعيد الشيب"؟ قلت لهم نعم بعد المشيب أصبو؛ انا امّالي؟
لم يبق قريبٌ ولا بعيدٌ إلاّ وقال: فالِ ماهُ فالك، أنت أكبر من هذا! ماه فالك ، هذا فصاء صبياني! ماه فالك، من أراد المهابة فليشترها،، إنك بوجودك هنا تُعرّض نفسك وعِرضك للمراهقين! إن حضورك هنا لن يفيدك شيئا، وسيضرك! إلخ،،، لقد استمعت للعواذل كلهم، ورغما عن الجميع قررت البقاء معكم هنا.
أعتقد أنني ساهمت في طرح مواضيع مهمة للنقاش، وشاركت بمقالات وتدوينات تحليلية في السياسة والتاريخ والطرائف والقصص والأدب والفن ولكَويفات ومرياص ههه، إلخ.. ولكني، ومن أول يوم وجدت نفسي في قعر خلاف مفتعل مع بعض الإخوة والمدونين المحترمين لأني انتقدت السياسة في مكَطع لحجار وما يطبعها في نظري من سطحية وزبونية واختلالات جوهرية تتمثل في الارتجالية و قصر النظر والافتقار إلى السند التاريخي والجغرافي.. هذا مع أنني كنت دائما أقول إنّ ما أكتبه مجرد رأي يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ؛ إلاّ أنّ كلامي في السياسة المخالف للرأي السائد قوبل بحملات تجريح وسب وجلد قاسية أحيانا. وما إن انقضت أسابيع قليلة حتى صرتُ هنوانا للحاسدين والحاقدين ومرضى القلوب والطامعين والمعزولين اجتماعيا وقبليا والساقطين سياسيا، إلخ..
ومن خلال متابعتي لما تجود به أقلام المدونين، قررت مواصلة المسار عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده.
وكان في ذلك خيرا كثيرا ونتائج كبيرة ومهمة، أذكر منها:
- اولا) التعارف: كثير منكم لم يكونوا يعرفون فالِ عن قرب؛ كما أنني لم أكن أعرف كثيرا منكم.. وتأكدت من ذلك عندما رأيتكم تتساءلون عن متى تعلمتُ اللغة العربية؟ ههه ومتى تعلمتُ التدنيت؟ ومن أين لي الكَفان؟ ولاحظت أنّ كتاباتي عن النشأة والمذكرات ألقت الضوء على بعض جوانب حياتي التي لم تكن معروفة لدى أغلبيتكم، إلخ.. ومن جهتي، تعرفت على شباب ذكي وفحول من فحول الكتابة وتعلمت منكم واستفدت.. وهذا لعمري مكسب كبير.
- ثانيا) تسجيل موقف: لقد استطعت بفضل الله أن أنأى بنفسي عن كتابة تاريخ جديد يُؤسس ويُبنى على حطام الماضي وصب اللعنة عليه. استخدمت الفيسبوك منبرا للوقوف أمام موجة تضليل عاتية قوامها تسفيه وتخوين رجال المكَطع السابقين وعبادة رجاله الجدد. لم أكن لأرضى بأن أكون مصفقا أو داعما لأمة تلعن أختها التي قبلها. ولم أكن لأقبل كتابة تاريخ المكَطع بدءا من الصفر ..
- ثالثا) بلورة موقف منصف: لم أسع كما يروج البعض لتلميع الماضي ولم أدع إليه.. لم أشجب الحاضر في كل تجلياته وإنجازاته بل انتقدت بعضها فقط.. دعوت طوال الخمسية إلى التواصل بين الأجيال، لا القطيعة! ودعوتُ لأن يكون الحاضر امتدادا للماضي ومدخلا لمستقبل مضمون.. وناديتُ بأعلى صوتي: لا تقطعوا حبل التاريخ.. كونوا خير خلف لخير سلف.. كررتُ هذا النداء عشرات المرات بدون جدوى..وفي الأخير، تأكدت أن لا سلامة من الناس إلاّ بالتسليم والاستسلام والانبطاح لركن سادس جديد للإسلام وهو الشهادة أن المسؤولين السابقين لمكَطع لحجار وخاصة أنا منهم لا بزنون جناح بعوضة مقارنة مع المسؤولين الحاليين الهداة المهديين!؟
............................................................................
الآن وقد انتهت العشرية، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسوله المختار. وأشهدكم أني تائب من كل ذنب وطامع في العفو والمغفرة من الله. وأتوجه إليكم جميعا، إخوتي الكرام بطلب المسامحة في كل كلمة غير لائقة صدرت مني عن غير قصد او زلة لسان. أعتذر لكم جميعا وأقبِّل أيديكم.
لن أعود إلى الكتابة بعد اليوم إلاّ في حالات استثنائية تقتضي الرد على استفزاز فظيع ونحو ذلك.
وبخصوص العشرية الجديدة، فإني أسأل الله العلي القدير أن يجعلها عشرية خير وسلم رفاه ، وأن ينال فيها كل واحد منكم مراده ومناه. شخصيا، لست مهتما بسياسة محلية ولا وطنية ولا مطلب لي لدى رئيس جديد ولا رئيس منصرف ولا حزب ولا حلف. قلتها لكم وكررتها طوال العشرية المنتهية وشككتم في قولي ولا زلتم.. أقولها لكم بوضوح لا غاية لي هنا ولا هناك، امتثالا لقوله تعالى: "ومن كان غنيا فليستعفف".
...........................................................................
لقد انتهت خمسية رئيس الجمهورية ولكن خمسية اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لم تنته و لا زالت متواصلة في انتظار تغيير متوقع في تشكلتها. وبخصوصها أودّ بصراحة أن أستغرب هنا "حال" أهل "المسار" المكَطعي مع اللجنة. فبالرغم من المواقف المعلنة للرئيس المنصرف والرئيس المنتخب والحزب والأغلبية والمجتمع المدني وبعض أطراف وشخصيات المعارضة والرأي العام عموما والمجتمع الدولي، فإنه حتى اللحظة لم يجرؤ أحد من قادة أو كوادر "المسار" على الإشادة باللجنة وأدائها!؟ إنهم يتبادلون التهانئ بالفوز والنجاح وتطوير الدبمقراطية في البلاد وانتشار الحريات.. ولا كلمة واحدة في حفلاتهم عن اللجنة وأدائها. لقد حاولت شخصيات منصفة في الحلف سد هذا النقص في إحدى اللقاءات الكرنفالية وآخرها في "الجزيرة" بالمطالبة علنا بتهنئة اللجنة، ولكن الظروف لم تسمح !؟ لا شك في أن اللجنة في غنى عن كلمة من "المسار"، ولكن التعامل بالمعروف أولى وأجمل. هذا بصرف النظر عن جوهر الموضوع من حيث الحكم على الانتخابات: تزوير، شفافية، تقصير،،، إلخ..
بارك الله لنا جميعا في العشرية الجديدة و وفق الله مسؤولي مكَطع لحجار لما فيه شرف وكرامة البلاد والعباد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
مع خالص الود والمحبة، تقبلوا تحياتي وأشواقي.