شهد القطاع المالي خلال سنوات حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز حركية متزايدة، وخصوصا على صعيد استحداث المؤسسات المالية، حيث تشكل البنوك الجديدة نسبة 80% من مجموع البنوك العاملة في البلاد عام 2009.
كما عرفت هذه الفترة تراجعا في سعر الأوقية أمام العملات الأجنبية، مقابل ارتفاع أسعار مواد أساسية عديدة وصل في بعض الأحيان إلى 80%.
وتأرجح ترتيب موريتانيا في المؤشرات الدولية ضمن المراتب المتأخرة على مستوى العالم، وذلك بالرغم من تحقيق بعض التقدم على هذه المؤشرات وصل في أحدها 10 درجات.
طفرة البنوك
فترة حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز شهدت طفرة كبيرة في البنوك التجارية بموريتانيا ومؤسسات القرض وشركات تحويل الأموال، حيث ظهرت ثمانية بنوك جديدة من بينها بنوك ذات تمويل محلي وأخرى مختلطة، إضافة إلى بنوك تمثل فروعا لشركات مالية أجنبية.
ومثلت البنوك الجديدة في عهد ولد عبد العزيز نسبة 80% من البنوك التجارية العاملة بموريتانيا عام 2009، فيما تم تسجيل هذه الطفرة البنكية التجارية رغم ضعف الإقبال على خدمات البنوك وفق المعلومات الرسمية.
فقد وصف تقرير سري صادر عن البنك المركزي، استخدام الخدمات المالية بأنه منخفض ومقتصر على الخدمات الأساسية، وفي الغالب فإن الحسابات البنكية تستخدم لتلقي الرواتب.
ويوضح التقرير أن حصة المتوفرين على حسابات بنكية خلال العام 2014 هي 14% فقط من مجموع السكان، مؤكدا أن العديد من زبناء البنوك لديهم حسابات متعددة "لكنها غير نشطة".
غير أن عددا من هذه البنوك سرعان واجه أزمات مالية كان بعضها حادا وأدى للتنازل عن الرخصة لملاك جدد، فيما أدى بعضها للإفلاس كحال الأزمة التي عرفها "موريسبنك" الذي يملكه ويرأس مجلس إدارته رجل الأعمال أحمد ولد مكيه.
وجاء الإعلان عن سحب رخصة "موريسبنك" في مداولة للبنك المركزي أواخر 2014، حيث أحيل البنك للمحكمة التجارية، قبل أن يعتقل رئيس مجلس إدارته، كما تم سحب رخصة شركة FCI المالية، إضافة إلى سحب رخصة صندوق القرض CDD وشركات مالية أخرى.
ومع مطلع 2019 تجددت الأزمات ببعض البنوك، فقد أوفد البنك المركزي بعثة تفتيش إلى بنك موريتانيا الجديد لاستطلاع وضعيته العامة، وذلك إثر غياب متكرر عن جلسات المقاصة اليومية.
كما وجه بنك المعاملات الصحيحة حديث النشأة إنذارا لرجل الأعمال محمد فال ولد اللهاه الملقب "افيل" وهو أحد أبرز المساهمين في البنك وبنسبة 15%، ولوح بمقاضاته جراء التأخر عن تسديد مستحقات مالية وصفت بأنها "ضخمة".
ورافقت طفرة البنوك في العشرية الماضية طفرة أخرى على مستوى شركات تحويل الأموال، قبل أن تعلن الحكومة في الأشهر الماضية عن تنظيم القطاع وإغلاق عدد من الشركات غير المرخصة.
العملة والأسعار
خلال عام 2009 بلغ سعر الدولار الواحد 261,8 أوقية قديمة، بحسب التقرير السنوي الصادر عن البنك المركزي عام 2009.
وبحسب أسعار الصرف التي أعلنها البنك في الفترة ما بين 25 و29 يوليو 2019، فإن سعر شراء الدولار يصل إلى 36,61 ويصل سعر بيعه إلى 36,98 أوقية جديدة، وهو ما يعني معدل سعر يصل إلى 367,9 أوقية قديمة.
وبذلك يكون سعر الدولار قد ارتفع خلال العشرية الماضية بأكثر من 106 أوقيات قديمة، وهي زيادة تعادل أكثر من 40% من سعره عام 2009.
وانعكس تراجع الأوقية أمام الدولار على أسعار العديد من المواد الغذائية والسلع الأساسية خلال هذه الفترة، حيث وصلت الزيادة في الأسعار 80% بالنسبة لمادة الأرز، بحسب نشطاء بحماية المستهلك.
فقد أورد موقع المستهلك الموريتاني في إحصائية شملت الفترة ما بين 2008 و2019، أن سعر الأرز من نوع "يبرك" ارتفع من 8250 إلى 14850 أوقية قديمة وهو ما يعادل 80% من سعره، بينما ارتفعت أسعار السكر بـ 41%، واللبن المعلب "روز" بـ 27% واللبن المجفف "سليا" بـ 12%، واللبن المركز "كلوريا" بـ 6%.
ورغم أن مطلع عام 2016 عرف تراجعا عالميا في أسعار الوقود فإن الحكومة قررت الإبقاء على السعر نفسه، لتحقق بذلك ربحا قدره 236 أوقية قديمة على كل لتر وقود.
وسبق لصحيفة "الأخبار إنفو" أن كشفت في عددها رقم 136 الصادر في 23 مارس 2016، أن الحكومة توفر أكثر من نصف ميزانيتها من خلال فارق سعر المحروقات التي تهاوت أسعارها عالميا.
وقد برر وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد اجاي قرار تثبيت سعر الوقود رغم انخفاضه عالميا بأن أسعار الوقود بموريتانيا هي نفسها في فرنسا، فيما اعتبر الناطق باسم الحكومة حينها محمد الأمين ولد الشيخ أن الحكومة تهتم بشأن الفقراء الذين قال إنهم لا يتأثرون بارتفاع أسعار الوقود.
ويذكر أن البنك المركزي الموريتاني أطلق مطلع العام 2018 عملة الأوقية بشكل جديد مع تغيير قاعدتها بنزع 0 منها لتتحول الأوقية الجديدة إلى ما قيمته 10 أواق قديمة.
وأوضح محافظ البنك المركزي في تصريحات إعلامية، أن هذه الإجراءات تهدف إلى تسهيل التبادلات التجارية والحد من مخاطر التزييف، وغير ذلك.
مؤشرات دولية
وخلال عشرية الرئيس محمد ولد عبد العزيز حلت موريتانيا في مراتب متأخرة من بين دول العالم ضمن عدد من المؤشرات الدولية.
فقد تجاوزت ديون موريتانيا عتبة 100% من الناتج الإجمالي المحلي، بحسب تقرير للبنك الدولي صدر في 2016 لتكون بذلك من بين ست دول تشترك في هذه الوضعية المالية.
كما حصلت موريتانيا على المرتبة قبل الأخيرة حسب مؤشر الانفتاح الاقتصادي الذي يصدره معهد "ليجاتوم" البريطاني، حيث حلت في الدرجة 149، فيما تليها ليبيا التي تذيلت الترتيب الدولي برتبة 150 عالميا.
وفي عام 2017 حققت موريتانيا تقدما بـ 10 درجات على مؤشر تحسن مناخ الأعمال المعروف بـ"داونغ بيزنس"، حيث حلت في الرتبة 150 من أصل 190 دولة.
وأعلنت ممثلية البنك الدولي في نواكشوط عن هذا التقدم في حفل أقامته لاستعراض التقرير المذكور في 31 أكتوبر 2017.
وشهد العام نفسه سجالا قويا بين الحكومة الموريتانية ومنظمة "شاربا"، وذلك إثر تقرير للمنظمة رصدت فيه ما وصفته بـ"الانتشار الوبائي للرشوة والفساد في موريتانيا".
واعتبرت منظمة "شاربا" الفرنسية أن انتشار الرشوة "يعرقل ويعوق تنمية هذا البلد ذي الخيرات الوفيرة".
بينما اتهم وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد اجاي منظمة "شاربا" بأنها تصدر تقاريرها تحت الطلب وبعد تلقي تمويلات مقدمة من معارضين، كما اتهمها في مؤتمر صحفي مطلع أكتوبر 2017 بتضمين التقرير معلومات تعود إلى 2013.
وتقدمت موريتانيا بشكوى رسمية أمام القضاء الفرنسي ضد منظمة "ِشاربا" ووكلت مجموعة من المحامين الفرنسيين للترافع باسمها أمام القضاء الفرنسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* يدخل هذا التقرير ضمن سلسلة تقارير تنتجها وكالة الأخبار المستقلة عن حصاد عشرية الرئيس محمد ولد عبد العزيز
.الأخبار