لا عيب مطلقا في ذكر أي إنجاز يتم في البلد ومن أي نوع كان، كما أن التطرق إلى صيانته مطلوبة للحفاظ على أدائه وضمان تطويره وتحسين أدائه. ولكن من الغير مقبول بتاتا:
- تضخيمه بعشر أضعافه حتى يغطي حقيقة حجمه فيقل مداه وينحصر وقعه ليتحول من بعد إلى بداية ضخت فيها الأموال الطائلة ونهاية عقيمة تكتسب طابع المدح والتمجيد،
- نسبته لشخص دون نظام حكامة البلد التي لا بد خططت له ودبرت شروط قيامه وسهرت على حصول أسباب أنجازه ورقابة أدائه،
صحيح أن شبكة طرق نواكشوط، دون الداخلية المتهالك جزء هام وكبير منها، شهدت بعض تحسن وتمدد استنزفت أموالا طائلة من خزينة الدولة ولم تضع مع ذلك العاصمة مطلقا في مصاف أقل عواصم الجوار تطورا. فلا جسور أنجزت أو قناطر رفعت أو ممرات مددت، ولا حدائق أو منتزهات انتشرت، ولا أماكن للترفيه وتطوير القدرات الدهنية بنيت، ولا معارض أو مكتبات أو متاحف بنيت.
صحيح أن بضعة أسواق واسعة شيدت على أنقاض مدارس عمومية وثكنات عسكرية وأحياء شعبية ولكنها بيعت ورخصت لقلة متخمة من النساء واليافعين والشيوخ المتصابين في دائرة ضيقة من المقربين إلى السلطة ومن اعتبارات من زمن ولى قوامها القبلية والعشائرية والنفاق والتزلف.
صحيح أنه تم استغلال المحيط حتر القعر ومناجم الذهب والحديد والنحاس والجبس ولكن لا قاعدة صناعية للتحويل رأت النور، فالسمك والمعادن تذهب إلى الخارج والبلد تستورد ما تحتاج مصنعا منها وبها.
صحيح أن ضفة النهر شهدت بعض توسعة واستصلاح للأراضي المزروعة ولكنها مملوكة لشركات خارجية ومداخيلها تأتي على أيدي خاصة لا تنفقها في تطوير الزراعة أو تشييد المصانع ورفاه المواطن.
صحيح أن الاعلام، على غرار ما جرى في العالم كله، رأى ميلاد عدة قنوات تلفزيونية ولكنها مملوكة لخواص وضعوها في خدمة التضخيم والتمجيد واقصاء أصحاب الكلمة الناقدة والموجهة إلى التصحيح.
ولكن الراضين بالفساد واقتسام مقدرات وثروات وتسيير البلد على هذا النحو من الفاعلين المقربين والمتزلفين والأبواق وسدنة الإعلام المحابي، يضخمون جميعهم هذه الإنجازات ولا يصدقون الشعب في حقيقة ضعفها وغياب مردودها عليه وهو المتردي في الفقر والمعاناة والحرمان.
هنا تكمن حقيقة ورشات الإصلاح القادم إن شاء الله والحكامة الرشيدة.