الى رئيس الجمهورية السيد محمد احمد الغزواني /الخليل عبد الله

اثنين, 12/08/2019 - 17:53

أمابعد: فإني لم أشأ يا فخامة الرئيس أن أقول لفخامتكم ما قاله أبو مسلم الخولاني لمعاوية بن أبي سفيان، حين دخل عليه فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقال الناس: الأمير يا أبا مسلم، فكررها مرة أخرى: السلام عليك أيها الأجير، فقال له الناس: الأمير. فقال لهم معاوية: دعوا أبا مسلم فهو أعلم بما يقول، قال أبو مسلم إنما مثلك  مثل  رجل استأجر أجير فولاه ماشيته، وجعل له الأجر على أن يحسن الرعية ويوف جزازها وألبانها، فإن هو حسن رعيتها، ووفر جزازها حتى تحلق الصغيرة وتسمن الجعفاء أعطاه أجره وزاد من قبله زيادة، وإن هو لم يحسن رعيتها أوضاعها حتى تهلك العجفاء، وتعجف السمينة، ولم يوفر جزازها وألبانها، غضب عليه صاحب الأجر فعاقبه ولم يعطه الأجر).

وإذا كان رجال معاوية لم يفطنوا لها، فكيف بحكومة فخامتكم، وبعد السلام عليكم أسوق التهنئة لفخامتكم بمناسبة عيد الأضحى المبارك، ومن خلالكم إلى الشعب الموريتاني.

نعم موريتانيا تنعم بقسط وافر من الحرية ليس موجودا في كثير من دول العالم العربي والإسلامي، ومع ذلك فإن كثيرا من دول العالم العربي لا تعرف عن هذه الحرية شيئا، فقد غرتني هذه الحرية أن أرسل رسالة لفخامتكم، وهذه الرسالة يا فخامة الرئيس سأذكر لكم فيها ما لم يقله لك علماؤنا الكرام، وإن كان فيهم بالطبع الأكبر، والأجدر، الأكفاء، والأحق بذلك مني.

ولعلي بذلك أكون قد أسقطت عنهم فرض الكفاية، وسأغلف هذه الرسالة بطابع اللين، وأسديها إلى فخامتكم بغلاف الشفقة وأرسلها لجنابكم ببريد الشفقة والمحبة، وأخاطبكم من خلالها بنداء الصدق والحب، فأنا لست بأحسن من موسى عليه السلام وفخامتكم، معاذ الله، لستم بأسوأ من فرعون.

وقد قال الله تعالى لموسى وأخيه هارون: "فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى" (طه:٤٤).

سأخطها يا فخامة الرئيس وأرسلها لكم، لست متخوفا ولا نادما، لأنني ناصح أمين وحسبي أني أسديها لك متوكلا على ربي، وأفوض أمري إليه  فالله حسبي ومعيني وهو نعم المولى ونعم النصير.

إننا يا فخامة الرئيس نقف على نهاية وثالث من نصف قرن جديد، إنها ستون ٦٠ عاما على استقلال دولتنا موريتانيا الحبيبة، تولى نصفها سلفك من العسكريين والمدنيبن وكان آخرهم صديقك عزيز، وأنت توليتها الآن، ويخطئ من يحاسب فخامتكم على أخطاء غيرك، ولكن في زمنهم سجن أقوام وشرد آخرون وذل أقوام، وامتهنت كرامة آخرين، وعم الفساد البلاد واستشرى الظلم وأصبحت موريتانيا بموقعها وتاريخها وحضارتها، أصبحت في موقع يسر العدو ويحزن الصديق.

ولعل هذا ما يحتاج إلى تغيير عاجل ولن أطالبكم بسرعة التغيير وإنما أسوق لك ما قاله عمر بن عبد العزيز حين طالبه الناس بسرعة التغيير فقال "إني أعالج أمراً لا يُعين عليه إلا الله، قَدْ فَنِيَ عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه الأعجميّ، وهاجر عليه الأعرابيّ، حتى حسبوه ديناً لا يرون الحقّ غيره".

 

فأنت يا فخامة الرئيس مطالب بالتغيير، ولكن بالتدرج، على أن يبدأ بالضروريات ثم الحاجيات ثم التحسينات بالأهم فالمهم، إذ يكفي، فخامتكم ألا يمر يوم عليكم إلا وقد أقلتم مفسدا وعاقبتم مجرما، وأدبت متطاولا وأحيت سنة، وأمتم بدعة.

وأحسب أنك لو بدأت برؤؤس الفساد ممن امتلأت بطونهم بدماء رعاياك، وهزهزت نفوسهم بعرق شعبك المسكين، وعلت ضحكاتهم على الرغم من أنين ملايين مواطنيك.. 

إنك إن فعلت ذلك فلن تحتاج إلى زمن طويل إنشاء الله، فانت يا فخامة الرئيس، وقد دنا أجلك، وقربت ساعتك، إذ في الحديث "أعمار أمتي مابين الستين إلى السبعين، وأقلهم الذين يبلغون ثمانين، وسأعرض على فخامتكم بعض ما هو مطلوب منكم،لا لأنكم- معاذ الله –نسيتموه، ولكن من باب التذكير، وقد قال ربي وربك "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، (الذاريات٥٥).

- احكم بما شرع الله، تكن أعظم الناس أجرا 

- انشر العدل بين الرعية، تكون أكثر الخلق ثوابا 

- انشر الحرية في ربوع وطنك، تكن أكثر الناس أمنا 

- اطعم الجياع وأنت تعرف حال الجياع في القرى والأرياف 

- اشف مريضا وأنت تعرف حال المرضى في المستشفيات 

- أصلح حال التعليم وأنت أدرى به 

- طمئن خائفا، يدعو لك ليل نهار 

- قرب المخلص الصادق.

 سيدي لك النصيحة والرأي السديد، وابعد المحتال، والطبال والزمار.. يكفك الله شره.. 

وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم "أيما رجل استرعاه الله رعية فمات يوم يموت وهو غاش لرعيته حرم الله عليه الجنة"، وفي رواية "ما من راع يسترعي رعية إلا سئل عنها يوم القيامة، أقام فيها أمر الله أوضاعه"، ففي أي الفريقين، أنت يا فخامة الرئيس.