حكومة غزواني ورسائل المرحلة/الحسن ملاي اعل

جمعة, 09/08/2019 - 12:08

بقراءة متأنية فاحصة لقائمة الحكومة الأولى للرئيس المنتخب محمد الشيخ الغزواني، يمكن استنتاج بعض معالم نهج وخيارات الرئيس الجديد، فيما يخص الشركاء؛
فهناك حضور لافت، وفي مواقع مهمة، لرموز العشرية المنتهية، في رسالة من الرئيس غزواني، فيما يبدو، بأنه اختار اللاقطيعة مع نظام سلفه ولد عبد العزيز، ونهجه وخياراته؛ 
وهناك غياب كلي لقيادات الأحزاب والمبادرات والتيارات الداعمة للمرشح، ورموز حملته، من المعارضة والموالات معا، مما يعطي إشارة واضحة من الرئيس، بعدم الاكتراث بالحالة الحزبية الوطنية عموما، بل وازدرائها، طريقا للإيحاء-ربما-بضرورة تجديدها بالمجمل؛
وعلى مستوى غرماء الرجل في الانتخابات التي حملته إلى سدة الحكم، وقد حازوا قريبا من نصف الناخبين الموريتانيين؛ سجلت غيبة كلية لأولئك المرشحين وأنصارهم، عن توليفة الحكومة، في رسالة واضحة تحمل جوابا ضمنيا على سؤال الحوار السياسي الذي تردد صداه مبكرا مع إعلان نتائج الانتخابات؛
هناك في لائحة ةلحكومة حضور مكثف لكفاءات عليا من فئة الحراطين التي ألفت الغبن والتهميش،  واللافت أن كل تلك الكفاءات قد تم اختيارها وانتقاؤها بعناية، من خارج بؤر النضال الانعتاقي، وفي كمبادرة انبعاث الحركة الانعتاقي إيرا، والتحالف الشعبي التقدمي، وقيادات حركة الحر الناشطين.
ومن الملاحظ أن نصيب المرأة في الحكومة قد تقلص، بالمقارنة مع حكومات العشرية التي عرفت حضورا متزايدا للنساء، في قطاعات هامة، والرسالة التي يلعبها الرئيس إلى المرأة هنا، يحتمل أن تكون تأكيدا ضروريا على أن الكفاءة والقدرة والتجربة، مقدمة على المحاصصة غير المتوازنة ببن الجنسين.
وأخيرا، يمكن فهم كل تلك الرسائل الجزئية، من خلال رسالة مجملة ربما أراد الرئيس الغزواني المثقل بالوعود والتعهدات الانتخابية، وللعهد عنده معنى، كما دأب على القول، أن يبلغنا لكل الاطراف، ومؤداها إن الأولوية اليوم، هي لتدارك ما يمكن تداركه من قطاعات الدولة الخدمية المنهارة، والتي على شفا الانهيار؛ وأن الجهود يجب أن تنصب على الفعل والإنجاز، في انسجام كامل بين قيادة جديدة منتخبة، وشعب هو المتضرر وهو الغاية والوسيلة لكل إصلاح، وأن بقية الاهتمامات، ومنها الورش السياسية والحزبية والفئوية، هي هموم مؤجلة في انتظار إحراز قاعدة صلبة للانطلاق نحوها بأمان واطمئنان.