لماذا غاب المترشحون عن حفل التنصيب

خميس, 01/08/2019 - 14:49

تم حفل تنصيب الرئيس الجديد محمد الشيخ ولد الغزواني في ظل غياب تام للمترشحين الخمسة الآخرين للانتخابات الرئاسية، وهو ما يجعلنا نطرح عدة أسئلة حول سبب غياب هؤلاء، وكذلك عن رمزية هذا الغياب في التقاليد السياسية المتعارف عليها؟

كما يجعلنا نتساءل عن مستقبل الحياة السياسية في البلد وطبيعة العلاقة بين المعارضة والسلطة في عهد الرئيس الجديد.
بالنسبة لصاحب المرتبة الثانية في هذه الانتخابات بيرام الداه اعبيد فإن سبب الغياب يعود إلى انهيار الاتفاق الذي كان من المتوقع أن يبرمه مع نظام ولد عبد العزيز ومع الحزب الحاكم في آخر أيامه، هذا الاتفاق الذي كان من المفروض أن يفضي إلى عدة نتائج ويلبي مطالب عديدة، غير أن السلطات لم تف بهذه المطالب، و إن كانت أطلقت سراح المعتقلين أثناء الاحتجاجات التي صاحبت إعلان نتائج اقتراع 22 يونيو كبادرة حسن نية، غير أن الاتفاق انهار الليلة البارحة في لحظاته الأخيرة، وإن ظلت السلطات بكل ما أوتيت من مكر وخديعة تحاول أن تقنع بيرام بحضور التنصيب مقابل التوقيع على الاتفاق غير أنها فشلت في ذلك.
سيدي محمد ولد بوبكر اختار هذه الأيام الاتجاه إلى السعودية في رحلة حج، ربما تجنبا للحرج وكذلك من أجل تفويت الفرصة على الرئيس الجديد من خلال الحضور لتنصيب رجل هو لم يعترف به، ولم يعترف بالانتخابات التي أوصلته للسلطة أصلا، ولم يدخل معه في حوار ولا مع النظام الذي قبله.
محمد ولد مولود الآخر والذي سبق وأن رفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، ووصف نسبة 2.46% التي حصل عليها بأنها ليست نسبة حقيقية، وأنها تم إعطاءها من طرف النظام “من أجل إهانة الحزب وتاريخه”، اختار أن يسافر إلى فرنسا في رحلة قيل إنها علاجية؛ إلا أن التوقيت يبدو غير بريء، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار موقفه السلبي من الانتخابات الأخيرة ومما أفضت إليه.
أما مرشح العيش المشترك كان حاميدو بابا فلم يحضر لحفل التنصيب هو الآخر، وهو صاحب الموقف الرافض لنتائج الانتخابات، وكذلك للحوار مع السلطة دون شروط مسبقة، وإن كان قام بلقاء سري سابق مع رأس النظام السابق السابق ولد عبد العزيز، إلا أنه لاحقا صرح بأنه لم تصله دعوة من السلطات لحضور حفل التنصيب، إلا  أن مصادر داخل التيار قالت إن قياداته تعارض حضور المرشح أاصلا لهذا الحفل، وفي كل الحالات غاب عن التنصيب، بكل ما يعني ذلك من عدم رضى وتوجس من الرئيس الجديد، وذلك غياب نواب المعارضة.

المجتبى ولد الوافي آخر العنقود وأصغر القوم، وصاحب النسبة الأقل في الانتاخابات، وكذلك أول من هرول للاعتراف بنتائج الانتخابات لم تتم دعوته، وتبين أن السلطات لا تأخذه على محمل الجد، وبالتالي فإنه لم يحضر ما دام لم يفرض نفسه ويقتحم قصر المؤتمرات “المرابطون” وهو يصرخ: يا قوم أنا مرشح للرئاسيات سابق، فلماذا لم تتم دعوتي؟.
إن غياب المترشحين الخمسة عن حفل تنصيب ولد الغزواني ليس مجرد خطأ بروتوكولي بل يعبر عن شرخ بين المعارضة والنظام، ويكشف عن أزمة متفاقمة تلوح في الأفق، ويؤسس لعلاقة خاصة يطبعها مناخ من عدم الثقة لم تنجح الانتخابات ثم تنصيب الرئيس في نزع فتيلها.

والسؤال المفتوح على مصراعيه هو ما هي طبيعة العلاقة التي ستجمع المعارضة بالنظام الجديد؟ وهل يكفي عشرة رؤساء من دول أفريقية في ظل غياب أي رئيس عربي للتعويض عن غياب قادة السياسة في البلد؟
وهل ستحمل الحكومة المقبلة وجوها معارضة وأخرى جديدة كنوع من محاولة تخفيف سخونة الوضع؟
هناك ثلاثة احتمالات لا رابع لها، وهو إما أن يقوم الرئيس الجديد بمشاورات وحوار شاملين مع كل الطبقة السياسية للوصول إلى اتفاق ما وصيغة للحكم ترضي الجميع، أو يتجاهل ههذه الطبقة ويتصامم وهو ما سيجعل من الحتمي على هذه القوى المعارضة أن تبث وجودها عبر الشارع مما سيقود على مواجهة بين شرعية الشارع وشرعية السلطة والقوة، وإما  أن يقمع كل التطلعات والآراء المعارضة، وهو ما سيؤدي على انفجار اجتماعي عنيف، ربما يخرج الجميع منه خاسرين، لتعلمهم الخسارة ما لم يستطع العقل أن يعلمهم من حكمة وعقلية تشاركية.
كل هذه الأسئلة ستجيب عنها الأيام القادمة، وإن كان في خطابه الرئيس الجديد كان تصالحيا على حد ما، غير أنه لم يذكر المعارضة ولا دروها، ولم يتحدث عن الظروف التي اكتنفت الانتخابات، ولا عن طبيعة علاقته المستقبلية بالمعارضة.

تقدمي