أعلن البنك المركزي الموريتاني الخميس رفع متطلبات رأس المال الخاصة بـ 18 مصرفاً من 10 مليار أوقية الى 20 مليار أوقية بعدما تبين عدم احتفاظهم بما يكفي من الاحتياطيات النقدية لتغطية الودائع والقروض بعد عمليات التفتيش التي اعقبت التعويم المقنع للأوقية قبل أسابيع، الأمر الذي يعد مصدراً رئيسياً للقلق في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض بعد رفع مجلس السياسة النقدية للبنك المركزي سعر الفائدة مرتين خلال أقل من سنتين ليستقر في النهاية عند نسبة 7%. القرار الجديد سيكون صعب للغاية على مصارف بعينها وهو ما قد يعتبر استهداف صريح يصب في مصلحة مصارف أخرى دون ذكر أسماء. هذا سيؤدي قطعا إلى إعلان مجموعة من المصارف للإفلاس ونعلم من واقع تجربة موريس بانك ومصرف موريتانيا الجديد أن تصفية الأصول لن تغطي الالتزام الناشئ عن التوسع في منح الائتمان، وبالتالي ستضيع أموال الشركات والأفراد ويعلنون الإفلاس بدورهم وندخل في تسلسل أحجار الدومينو وبالمحصلة يدخل الاقتصاد الوطني في نفق مظلم. هذا الاعتبار وحده كفيل بإثارة الرعب في القطاع المصرفي ودفع العملاء لسحب الودائع من البنوك ذات الائتمان المنخفض والمتوسط ونقلها إلى بنوك تستوفي المعيار الجديد سلفا، وهذا أيضا من شأنه تعميق الأزمة وتسريع وتيرة انهيار تلك المصارف مع تحمل الاقتصاد الوطني للآثار الجانبية.
الصحيح والذي كان يجب القيام به قبل أن تقع الفأس في الرأس هو إلزام السلطات الرقابية لكافة المؤسسات
المالية بتكوين رأس مال إضافي، يتم تكوينه وتراكمه في حسابات داخل البنك المركزي خلال فترة لا تقل عن ثلاث سنوات مع تحجيم سلطة المصارف المتعثرة في منح الائتمان في المقابل إطلاق هذا المتطلب بالنسبة للبنوك المستقرة، وبهذا يحصل التوازن في الأسواق المالية.
هذا الحل يتطلب اعادتنا للبداية وجذر المشكلة من الأساس وهو ضرورة اعتماد قنوات اتصال دورية وشفافة مع المؤسسات المالية والتعاون بين السلطات الرقابية المعنية بمنح الائتمان، بناء وتطوير قواعد بيانات المؤشرات المالية والاقتصادية مع تعزيز قدرات الكادر البشري المعني بدراسة وتحليل توجهات الائتمان بشكل مستمر.