دفاعا عن مشىوع الزكاة / الحسن ولد ملاي اعلي

أربعاء, 04/12/2019 - 21:13

الزكاة ركن ركين من اركان الإسلام الحنيف، وقد فرضها الله تعالى نصيبا معاوما من اموال الاثرياء التي بلغت النصاب الشرعي، وحال عليها حول كامل، ومصرف ذلك الجزء المعلوم من ذلك المال المعلوم، أصناف ثمانية حددتها آيات سورة التوبة، وتلعب الزكاة دورا عظيما في خاضر الشعوب الاسلامية كما في ماضيها، وقد نظمها النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك خلفاؤه الراشدون، لكن تنظيمها طبقا للقواعد الشرعية، في الدول القطرية المعاصرة، تكتنفه الكثبر من المثبطات.

فمن المعروف، ان حروب الردة، التي اندلعت بعد منام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانخرطت فيها القبائل العربية، بقيادة متنبئيها، من امثال مسيلمة وسجاح والاسود وطليحة، إنما كانت بسبب منع القبائل الزكاة عن سعاة الخليفة ابي بكر، فكان قراره الحازم، رغم الاصوات المحذرة والمعارضة، بقنال كل من فرق بين الصلاة والزكاة؛ ولو كان الخليفة وكل إلى الناس أمر زكواتهم، لما حدثت ردة وما قامت حرب؛

لقد فهم الخليفة الأول، ثم تابعه كبار الصحابة والمسلمون عموما، فهموا من كتاب الله تعالى، ومن السنة القولية والفعلية لرسوله صلى الله عليه وسلم، ان مهمة جمع الزكاة وتصريفها على مستحقيها، وظيفة أصيلة من وظائف دولة المسلمين، لصلتها الأكيدة بحقوق الناس ومعاشهم وجوانب حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والامنية، وبتلك الصفة تقام لها الحروب، ويتتابع في سوحها أفواج الشهداء، إقامة لركن الدين، وقياما بحق الفقراء والمساكين وبقية المصاريف.

تقررت تلك الوظيفة لحاكم المسلمين، بنصوص محكمة من القرآن الكريم، فقد قال تعالى في مسؤولية الحاكم عن جباية الزكاة:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وهو أمر مباشر للنبي صلى الله عليه وسلم بجبايتها؛ وقال تعالى في تحديد مصارفها: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله وابن السببل، فريضة من الله والله عليم حكبم}...

فكيف يكون التعامل مع تلك المصاريف الثمانية، مع ضبط التوازنات المطلوبة، دون إشراف سلطة مخولة شرعا وقانونا؟ فهناك غير الفقير والمسكين عمال الجمع والتقسيم، فالزكاة مشروع تشغيل وطني واعد، ومن هم المؤلفة قاوبهم اليوم؟ وهل كانوا مصرفا دائما أو مؤقتا؟ اما في الرفاب فهو مصرف دائم في حالتنا حيث تسحث آثار الاستعباد كثيرا من شعبنا، وهناك الغارمون، ومصرف سبيل الله وسبل الله كثيرة! فهل تلك وظيفة غرد ام وظيفة دولة؟

يتذرع العاملون على إقصاء الدولة عن المشروع، بان الفساد الإداري والمالي مستشر في كل قطاعات الدولة، وهي حقيقة لا شك فيها، لكن ذلك شأن عادي في أغلبالمجتمعات، لكن علاجه يكون بالرقابة والعدالة وشرعة المكافأة والعقوبة؛ والامر ليس طارئا، فحتى فيالعهد النبوي، ظهر فاسدون كثر، وخاصة في مال الزكاة، كان منهم من قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فجاء الجواب من الرقابة النبوية: 《هلا جلست في ببت ابيك وامك فتنظر من يهدي إليك؟》ولقد تحدث القرآن عن شريحة من اهل الفساد:{ومنهم من يلمزك في الصدقات، فإن أعطوا منها رضوا، وإن لن يعطوا منها إذاهم يسخطون}.

واخيرا، فهناك وعي قاصر بما تمثله مصادر الزكاة في عالم اليوم،فهو يباين تماما ما ألفه البداة من شعبنا، من إخراج شاة من كل اربعين شاة، وعجل في ثلاثبن من البقر، وشاة في خمس ذود غادية رائحة؛ كما يباين ما الف المزارعون منا من إخراج ربع العشر من كل حصاد يبلغ خمسة اوسق حبا. إن موضوع الزكاة اليوم يتعلق بعالم الشركات الكبرى والبنوك العابرة للحدود، والبرص المالية العالمية، وسلاسل الاسواق والسوبر ماركت الدولية الكبرى؛

إن تنظيم الزكاة على هذا الواقع الاقتصادي المختلف، وطبفا للتدالبر المحددة في القرآن، والممارسة منذ العهد النبوي، لمن شانه ان يظهر جانبا من حكمة الله تعالى في إرساء هذا الركن الركين، استجابة لحالات الحاجة العابرة والدائمة، ولمتطلبات المجتمع في اطواره المتغيرة، وتغطية تكاليف باهظة لصالح مشاريع نفع عام، اوتيسير ضرورات افراد او جماعات قاصرة عن تولي الامر عن نفسها..

صحيح ان إجراءات احترازية كثيرة يجب اتخاذها، بما يضمن المحافظة على اموال الزكاو، ويوفر لكل مصاريفها حاجاتهم الاساءية، ويشكل موردا استثناىيا للاستثمتر الخبرب. ولاجل ذلك يتعين ان يقوم بالمهمة ديوان مستفل، يدعى "ديوان الزكاة الموريتاني" على ان يختار لنولي مسؤولياته وإدارة قطاعاته المختلفة خبرات وطنية فنية إدارية ومالية، وكغاءات مهنية وأخلاقية مجربة، تساعدها هيئتان استشاريتان، مجلس شرعي ومفتيشية مالية