اقام منتدى الجنوب ندوة جهوية تحت عنوان “انضمام المغرب إلى الاتفاقية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي : ما بين تكريس مفهوم الحريات وتنزيل القوانين , قطاع الصحافة نمودجا”, يومه السبت على الساعة الخامسة زوالا .
الندوة من تنظيم منتدى الجنوب للصحافة والاعلام، وذالك تنزيلا لبرنامجه السنوي وكذا تنفيدا لاتفاقية شراكة تجمعه مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان وشركاء أخرين.
عرفت الندوة حضور متميز للجسم الصحافي بجهة كلميم وادنون، بالإضافة الى حضور فعاليات نقابية بصمت على مكانتها بوادنون من خلال نضالاتها وترافعها على مشاكل وهموم الشغيلة، كما حضر فاعلون حقوقون وسياسيون وكذا جمعويون بالمنطقة.
و قد اشار السيد رئيس منتدى الجنوب للصحافة و الإعلام الى اهمية هذه الندوة و السياق النقابي العام الذي جاءت على اساسه حيث اكد انه اصبح من الضروري تغيير الصورة النمطية الإحتكارية للعمل النقابي في قطاع الصحافة ، مبرزا ان ذلك لن يتحقق الا بالقضاء على العديد من العقليات السادية و المتعصبة التي اساءت كثيرا لسمعة العمل النقابي بشكل عام، مشيرا أيضا الى اهمية موضوع الندوة التي تناقش مسألة انضمام المغرب الى الإتفاقية الدولية رقم 87 و دور ذلك في تحسين العمل النقابي بشكل عام و توفير الجو المناسب للحريات النقابية و بالتالي تحسين صورة المملكة دوليا في هذا الشأن.
و من جهة اخرى فالندوة عرفت مداخلات جد مهمة ومتنوعة لامست موضوع الندوة من جوانب عدة منها ماهو حقوقي ونقابي وماهو اكاديمي.
كانت البداية مع مداخلة السيد محمد سراج الضو، عضو الأمانة العامة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية واحد قيدومي العمل النقابي بالشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة، التي تمحورت حول العمل النقابي في الصحافة والاعلام، إذ استرسل تاريخ العمل النقابي من انشاء النقابة إلى اليوم الحالي كما ذكر مختلف مجالات تدخل النقابة والأهداف التي حققتها خصوصا بعد انعقاد المناظرة الاولى للإعلام والاتصال وتحول النقابة إلى الصحفيين خصوصا الصحافة الحزبية التي كانت مهيمنة آنذاك، كما أن النقابة استطاعت أن تجعل من نفسها مخاطبا رسميا لذى الأجهزة الرسمية والاستشارة في مختلف مشاريع القوانين خصوصا القانون المنظم للهاكا والقانون 87.03 المتعلق بااعلام السمعي البصري.
أبرز في مجمل مداخلته الادوار الهامة التي قامت به النقابة ودفاعها عن حقوق الشغيلة في محال الإعلام وخصوصا ما يتعلق بالجانب الاجتماعي والاقتصادي للصحفي.
عقب هذه المداخلة تفضل السيد رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الانسان- كلميم وادنون- إبراهيم لغزال، إذ استهل كلامه بالاشادة بما وصل إليه المغرب في مجال الحريات وحقوق الإنسان وترسيخ هذه الثقافة، كما أشار إلى أن المغرب قادم بخطوات واثقة كما استطاع معالجة مجموعة من الطبوهات، والتعاطي مع مجموعة من الإشكاليات.
رئيس اللجنة الجهوية استعرض تجربة الإنصاف والمصالحة التي وصفها بالرائدة في التعاطي مع مجموعة من القضايا ..
كما ركز على البعد الجهوي والمحلي لما له من أهمية بالغة في جميع السياسيات والدعوة إلى تكريس ثقافة الجهوية تنزيلا للبرنامج الضخم “الجهوية الموسعة”
في ختام كلامه دعا إلى التأسيس لمسار جديد في الجانب الحقوقي، والتفاعل الحقيقي مع الواقع.
من الناحية النقابية تدخل الإطار بالمحكمة الإبتدائية السيد مصطفى كرمي وهو عضو المكتب الجهوي للاتحاد الوطني للشغل، إذ تناول في حديثه العمل النقابي بين الواقع وتحديات المستقبل، إذ اعتبر أن النقابات أحد الركائز الهامة للنضال والدفاع عن الفئة الشغيلة وحماية حقوقها الاجتماعية والاقتصادية وكذا الحقوق المادية والمعنوية بالإضافة إلى حماية حق ممارسة حق العمل النقابي الهادف، كما استعرض في حديثه المراحل التي مرت منها النقابة والتطور الملحوظ الذي شهدته.
ومن الناحية الأكاديمية تناول الأستاذ الباحث بجامعة ابن زهر حمو على سليمان الكلمة وتحدث عن حقوق الانسان الاساسية في العمل على ضوء الاتفاقية الدولية رقم 87 المتعلقة بالحريات النقابية، إذ تحدث يوم الاحد في الدورة التدوينة بشكل مفصل عن الموضوع وكان أبرز ما جاء على الشكل التالي:
المتدخل اعتبر ان الحرية النقابية من الحقوق الأساسية للأجراء، وهي تشكل قيمة أساسية من قيم منظمة العمل الدولية، وتخلق ممارسة هذه الحق أثراَ كبيراً على ظروف العمل والعيش وعلى تطور النظم الاقتصادية والاجتماعية وتقدمها .
واعتبارا لهذه الأهمية ، و يشير المتحدث، فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1947 ، قراراً يتضمن الاعتراف بحق النقابات والذي لا يمكن التنازل عنه، حيث جاء في هذا القرار « أن الحق النقابي وممارسة الحرية النقابية شأنهما شأن الحقوق الاجتماعية الأخرى هما أساس لتحسين مستوى معيشة العمال ورفاهيتهم الاقتصادية.
مضيفا ايضا ان أصدرت منظمة العمل الدولية في 9 يوليوز 1948 الاتفاقية الخاصة بالحرية النقابية وحماية الحق النقابي (رقم 87)، حيث نصت المادة 2 من هذه الاتفاقية على أن «للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلى تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق.» كما نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي أصدرته الأمم المتحدة في 10 دجنبر 1948، في فقرة موجزة ولكنها محكمة، عن حرية إنشاء النقابات، وهي الفقرة الرابعة من المادة 23 التي تنص على أن « لكل شخص حق إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه «.
ونفس السياق اشار المحاضر الى ان اتفاقية العمل الدولية (رقم 98) نصت بشأن المفاوضة الجماعية وحق التنظيم في المادة الأولى على أنه “يتمتع العمال بحماية كافية من كل عمل ينطوي على تمييز في مجال الاستخدام بسبب انتمائهم النقابي”.
وأكد المتحدث أن منظمة العمل العربية قد اصدرت الاتفاقية رقم 8 لسنة 1977 بشأن الحريات والحقوق النقابية، حيث أشارت المادة الأولى منها على أن « لكل من العمال وأصحاب الأعمال، أيا كان القطاع الذي يعملون فيه، أن يكونوا، دون إذن مسبق، في ما بينهم منظمات، أو ينظمون إليها، لترعى مصالحهم، وتدافع عن حقوقهم وتعمل على تحسين حالتهم المادية والاجتماعية.»
وبالنسبة للتشريع المغربي فقد اشار الأستاذ الباحث، على انه جاء الفصل الثامن من الدستور المغربي الحالي ليكرس ممارسة هذه الحرية ، حيث نص على أن « تساهم المنظمات النقابية للأُجراء، إلى جانب الغرف المهنية، والمنظمات المهنية للمشغلين، في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها، ويتم تأسيسها وممارسة أنشطتها بحرية» ، وهو في نفس الوقت يشكل تراجعا عن الدور التأطيري الذي كان يسند الى النقابات في ظل الدساتير التي سبقت دستور فاتح يوليوز 2011 .
ثم إن مدونة الشغل المغربي جسدت مبدأ الحرية النقابية في التصدير الذي جاء فيه « واحتراما للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور لعالم الشغل، علاوة على مبادئ حقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا… وخاصة المتعلقة بحرية العمل والممارسة النقابية…»، و على أن «الحرية النقابية هي حق من الحقوق الأساسية في العمل، تندرج ممارستها في إطار الوسائل المعترف بها للعمال وللمشغلين للدفاع عن حقوقهم المادية والمعنوية ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والمهنية.»
ويترتب عن ذلك بصفة خاصة توفير الحماية للممثلين النقابيين وتوفير الشروط الملائمة لتمكينهم من الاضطلاع بدورهم التمثيلي داخل المقاولة، والمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي بناء علاقات مهنية سليمة تخدم مصلحة العمال والمشغلين على حد سواء.
ونصت مدونة الشغل ضمن مقتضياتها على إمكانية تأسيس المنظمات النقابية المهنية بكل حرية، وبغض النظر عن عدد الأجراء المشتغلين بالمقاولة أو المؤسسة، من طرف أشخاص يتعاطون المهنة أو حرفة واحدة، أو مهنا أو حرفا يشبه بعضها بعضا، أو مرتبطة بعضها ببعض، وفق الشروط المنصوص عليها في القانون، ويمكن للنقابات المهنية بكل حرية أن تتكتل وتتشاور في ما بينها بكل حرية . دور النقابة لم يعد يقتصر فقط في الدفاع عن مطالب الأجراء، والمطالبة باحترام القوانين المنظمة للشغل، بل أصبحت إحدى أهم القوى الفاعلة لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
إلا أن ممارسة الحريات النقابية بالمغرب أصبحت تواجهها مجموعة من الإكراهات نجملها في ما يلي:
* عدم التصديق على اتفاقية العمل الدولية رقم 87 حول الحرية النقابية والحق النقابي، المتضمنة في اتفاق 26 أبريل 2011.
* عدم إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي رغم التزام الحكومة بذلك خلال اتفاق 26 أبريل 2011.
* عدم تفعيل الفصلين 08 السالف الذكر و 13 من دستور 2011 الذي ينص على أن « تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها.
* عدم تطبيق القانون أو التعسف في تطبيقه، سواء القانون الاجتماعي أو قانون الوظيفة العمومية.
* الاقتطاع من أجور المضربين بقطاعات الوظيفة العمومية في ظل غياب القانون التنظيمي للإضراب.
* منع تأسيس النقابات أو طرد وتوقيف مكاتبها بمجرد تأسيسها.
* هيمنة فئات الاجراء أو الموظفين غير المنتمين نقابيا على انتخابات مندوبي الاجراء أو اللجن الثنائية بالوظيفة العمومية.
* ارتفاع نسبة معيار التمثيلية على مستوى المقاولة المحددة في 35 % يعيق ممارسة الحرية النقابية ،هذه النسبة كانت موضوع ملاحظات لجنة الخبراء بمكتب العمل الدولي التي طالبت الحكومة المغربية بالعمل على تخفيض هذه النسبة.
* عدم تنصيص مدونة الشغل على منح نفس الضمانات والحماية القانونية الممنوحة للممثلين النقابيين لأعضاء المكاتب النقابية.
* ارتفاع نسبة عدد الاجراء لتعيين الممثل النقابي والمحددة في 100 أجير على مستوى المقاولة.
* عدم مأسسة الحوار الوطني الثلاثي والقطاعي وعلى مستوى المقاولة وعدم احترام دوريته.
* غياب قضاء اجتماعي.
* عدم إحداث أو تفعيل الادوار الحقيقية للمؤسسات التمثيلية الثنائية التركيب على مستوى المقاولة ( لجنة المقاولة ، لجنة الصحة والسلامة المهنية).
* عدم تفعيل بالشكل المطلوب دور المؤسسات التمثيلية الثلاثية التركيب على المستوى الوطني ( مجلس المفاوضة الجماعية ، مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية والمجلس الاعلى لإنعاش التشغيل).
* عدم تفعيل لجنة التشغيل المؤقت.
و من جهة اخرى، و ايمانا منه بثقافة الاعتراف ورد الاعتبار قام منتدى الجنوب للصحافة والاعلام خلال هذه الندوة الجهوية، التي تميزت بحضورها الاستثنائي سواء من ناحية الأساتذة المحاضرين او المدعوين بالإضافة إلى منتسبي ومنخرطي المنتدى، و العديد من الأطر و الأكاديميين بتكريم قيدوم النقابيين بجهة كلميم وادنون السيد لحسن العود المعروف بشجاعته وكفاحه المستميت من أجل حقوق الشغيلة خلال سنوات طوال، و تم أيضا تكريم أيضا وجه إداري مالي معروف لذى وافدي قباضة كلميم بعمله الدؤوب وتفانيه في خدمة الصالح العام، انه السيد المحفوظ بداهي القابض السابق بمناسبة انتقاله إلى مدينة تزينيت.