إن الشّباب هم عماد أيّ أمّة من الأمم, وسرّ نهضتها وبناة حضارتها, وهم حماة الأوطان والمدافعون عن حياضها, ذلك لأنّ مرحلة الشّباب هي مرحلة النّشاط والطّاقة والعطاء المتدفّق، فهم بما يتمتعون به من قوّة عقليّة وبدنيّة ونفسيّة فائقة، يحملون لواء الدّفاع عن الأوطان حال الحرب, ويسعون في البناء والتّنمية في أثناء السّلم, وذلك لقدرتهم على التّكيف مع مستجدات الأمور ومستحدثات الخطوب في مختلف المجالات العلميّة والسّياسيّة والاجتماعيّة والثّقافيّة وغيرها, فالمرونة مع الإرادة القويّة، والعزيمة الصّلبة والمثابرة، من أبرز خصائص مرحلة الشّباب, ولذا، يجب الاعتناء بالشّباب وتوجيههم ورعايتهم رعاية صالحة، تشمل كلّ نواحي الحياة، وإشباع حاجاتهم النّفسيّة والاجتماعيّة والرّوحيّة والسّياسيّة والثّقافيّة، وإعدادهم إعدادا جيّدا ليكونوا مستعدّين استعدادا كاملا للقيام بأدوارهم المستقبليّة، ويتحمّلون مسئوليّاتهم بشكل كامل، وبأحسن وجه. إنّ كلّ شابّ له طموحاته وأحلامه، ويتطلّع إلى تحقيق تلك الطّموحات والأحلام، من بين تلك الطّموحات والأحلام، أن تُهيّأ له ظروف حياة جيّدة وتوفّر له فرص التّعليم بكافّة مستوياته، كما يحلم كلّ شابّ في المشاركة في بناء وطنه وخدمته، وتقلّد المناصب والمسئوليّات فيه دون عراقيل أو تهميش أو تمييز أو إقصاء، وأن يتساوى مع جميع أقرانه في الوطن في الفرص أمام خدمة وطنه وتولّي المناصب فيه، دون تخصيص أو محاباة فئة معيّنة من الشّباب لتولّي بعض الوظائف في الدّولة دون غيرهم وإقصاء ما سواهم منها دون وجه حقّ...
إنّ التّمييز وعدم المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، يولّد الكراهيّة والمقت، وينقص الثّقة ويورث سوء الظّنّ بين مواطني البلد الواحد، وتؤدّي تلك الحالات إذا استمرت ولم تعالج، إلى ظهور الصّراعات والنّزاعات بين فئات المجتمع الواحد، وتسبّب في تفكّكه بسهولة لا قدّر الله! إذ هؤلاء الذين هم سرّ نهضة الأوطان، يمكن أن يكونوا أيضا أدوات الهدم والتّخريب لها إذا أحسّوا بالظّلم والتّهميش والإقصاء في أوطانهم، ومورس عليهم التّمييز ومُنعوا من المشاركة في بناء وخدمة أوطانهم، لا شكّ أنهّم سيبحثون عن التّغيير بشتّى الطرق الممكنة، كي يخرجوا من الوضعيّة غير العادلة التي وُضعوا فيها.
يقول الزّعيم الأمريكي الأسود مالكوم إكس: "...عندما يشعر النّاس بالحزن لا يفعلون شيئا سوى البكاء على حالهم، ولكن عندما يغضبون فإنّهم يحدثون تغييرا".
لا شكّ أن جزءا كبيرا من الشّباب الموريتاني غير مرتاح الآن بالطّريقة التي تدار بها البلاد، نتيجة إقصائه من خدمة وطنه على كلّ المستويات ومن كلّ المؤسّسات، وخاصّة المؤسّسات الأمنيّة، وهذا ما يجب على الرّئيس المنتخب وضعه في الاعتبار، ولا سيما هو من كان جزءا في الحكم خلال عشر سنوات الأخيرة المسمّاة عشريّة الانجازات، وكان يقود بنفسه إحدى مؤسّسات الدّولة المهمّة، التي يشعر كثير من الشّباب الموريتاني أنّهم مقصوّون منها تماما بقصد أو بدون قصد، ويسهل على مثله معالجة ذلك الخلل إذا توفّرت لديه الإرادة الكافية للقيام بذلك، لأنّه ببساطة شديدة مطّلع على كلّ خباياها وتفاصيلها، وكان يتحكّم فيها بشكل محكم حتى وقت قريب جدّا، وما زال رجالات تلك المؤسّسة يدينون له بالولاء ويكنّون له الاحترام والتّقدير، وهذا في حدّ ذاته نقطة قوّة له، ونرجو ونأمل أن يستغلّها في إيجاد طريق مناسب لإصلاح ذلك الخلل في أسرع وقت ممكن، وإنصاف تلك الشّريحة من الشّباب المتعطّش لخدمة وطنه، والحالم إلى الانخراط في تلك المؤسّسة للمساهمة في ذود عن حياض وطنه، تحت بند الشّباب الذي ورد في تعهّداته الانتخابيّة التي لو أتيحت له الفرصة للوفاء بها، لقطعت بلادنا شوطا مهمّا في الاتّجاه الصّحيح، ولصالحت مع ذاتها بشكل كبير، وتتبوّأ مكانتها الصّحيحة في المنطقة. مع تمنّياتنا له بالتّوفيق والسّداد في مهمّته الجديدة التي نعتقد جازمين أنّه أهل لها