بيان من الصحافة المستقلة في أنواذيبو

جمعة, 03/09/2021 - 21:23

بيان صحفى

مدير :منصة الساحل .. الخليل عبد الله..

ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة يوم 19 من عام 1948 أنه "لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير"

ويتضمن هذا الحق حرية الفرد في تكوين آراء بدون تَدَخُل أحد، والبَحث وأستقبال ونقل المعلومات والأفكار من خلال كافة وسائل الإتصال بصرف النظر عن حدود الدولة، وعادةً ما يصاحب هذه الفلسفة تشريع يَكْفُل مستويات متباينة من حرية النشر والصحافة، ويُعَبِر حِمايَة الدستور لهذه الحريات عن عمق رسوخ القوانين ذات الصلة بحرية الإتصالات المندرج داخل النُظّم التشريعية للدولة، وغالبًا ما تشمل قوانين حرية الصحافة مفهوم حرية التعبير وبالتالي يُعامَل التعبير المنطوق والمنشور مُعاملة واحدة.

تنص جميع الدساتير الحكومية الدائمة منها والمؤقتة على حرية الاعلام والصحافة والحريات المرتبطة بها، مثل حريات الرأي والتعبير والطباعة والنشر، وتربطها في كل الأحوال بقيود قانونية في صياغات مختلفة في حدود القانون، أو بمقتضى القانون، أو حسبما يضبطها القانون، أو وفقا للشروط والأوضاع التي تبينها النصوص، أو بشرط ألا يتجاوز حدود القانون. كما لا يوجد قطر عربي واحد يرفض الأفكار الأساسية لحقوق الإنسان، شكلا أو مضمونا، مثله في ذلك مثل باقي دول العالم، إذ أصبحت هذه المبادئ تشكل من الناحية الفلسفية تطورا تاريخيا لا يمكن لأية حكومة أن ترفضه علناً، لأنها أصبحت تشكل قانونا دوليا عرفياً معمول به، وعند تناول تطبيقات هذه الحقوق في مجالات الإعلام والصحافة، 

_أأكد منذ الوهلة الأولى أن المبادئ المتضمنة في النصوص الدستورية والمواثيق والاتفاقيات شيء، والممارسة الصحفية والاعلامية الحرة في بلادنا شيئ آخر..

_ لذا وجب التنبيه: إننا ومن هذا المنبر الميمون لنندِد بمنع السلطات الادارية في مدينة انواذيبوا الصحافة الحرة من حضور اجتماع وزير الصيد السيد الدّيِ ولد الزين، ومنعهم من تغطية مجريات اللقاء الكبير الذي جاء على اثر توقيع عدد كبير من اتفاقيات الصيد المشتركة بين حكومتنا وشركاء اقتصاديين اجانب، والذي تم اجراءه بداخل مبانى الولاية، بحضور والى المدينة وعدد غفير من رجال الاعمال الوطنيين والأجانب.
 كما نستنكر هذا الفعل الغير شفاف والإجراء الغير مقبول كما يجب على السلطات الإعتذار عنه للجمهور أولاً وللصحافة المستقلة التي استهدفت بهذا الفعل الذي يتعارض مع حريتها المكفولة في النصوص المحلية والدولية..

تفرض بعض حكومات الدول النامية العديد من القيود على حرية الصحافة، بالرغم من أن دساتير هذه الدول تنص بوضوح على حرية الاعلام والصحافة، لكنها تضع سلسلة من القوانين المقيدة لهذه الحرية، وتتمثل هذه القيود فيما هو تشريعي، وسياسي واقتصادي، وسري، وقد تكون  مباشرة أو غير مباشرة.
تُعَد حُرية الصحافة أو حُرية وسائل الإتصال هي المَبدأ الذي يشير إلى وجوب مراعاة الحق في الممارسة الحرة للاتصال والتعبير عن الرأي من خلال كافة وسائل الإعلام المتاحة، المطبوعة منها والإلكترونية، وتَتَضَمن هذه الحرية غياب التدخل المفرط للدول، وحمايتها بالدستور والقانون، وتمثل الصحافة في الدول الديمقراطية سلطة رابعة بالفعل، فهي تبصر الناس بأمور حياتهم، وتطرح القضايا الساخنة على بساط البحث وعلى ميزان التدقيق والتحليل وتكشف عن الاختلالات الحاصلة في تسيير الشان العام وتميط الستار عن الفساد ومنابعه، إلا أن الصحافة في بلادنا لا زالت محدودة التأثير على الحياة السياسية والاجتماعية بسبب القيود الكثيرة التي تكبلها، فبعضها حكومي وبعضها الآخر اجتماعي تمليه التقاليد البالية الضاغطة، وبسبب الرقابة الحكومية التي تحاصرها من كل جانب.

ينضاف إلى هذا ما يمارسه اصحاب رؤوس الأموال المالكة لبعض المؤسسات الصحفية والاعلامية من تحكم في تدفق المعلومات وتداولها،  والتواطؤ مع أصحاب المصالح الذين يزودون هذه الهيئات بالإعلانات التي تعد العصب الأساسي لأرباحهم، ورغم هذا الوضع المتردي الذي يحيط بحالة الصحافة في الوطن العربي عموماً وعلى مستوى بلدنا خصوصاً، فإن الكفاح الذي خاضه الصحفيون، وقطاعات المجتمع المدني المختلفة، قاد في السنوات الأخيرة إلى تحسن أوضاع الحريات الصحفية، وتطور الصحافة (المكتوبة والمسموعة والمرئية والصحافة الالكترونية).

 ولقد شهدت هذه الأخيرة  المنافسة مع بعضها البعض في إطار السبق الاخبارى والريادة، كما لا يمكن إغفال مساهمة مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان وجمعيات حماية حرية الصحفيين التي نشطت في الفترة الأخيرة، سواء من داخل البلاد او خارجه، وتركيزها على إطلاق الحريات الصحفية، وضرورة حماية الصحفيين الذين يتعرضون للأذى من طرف اجهزة الدولة بسبب آرائهم وعملهم الصحفي، كاشفة في الوقت نفسه عن الحالات التي يتم فيها التعرض للصحف ووسائل الإعلام الأخرى.

من خلال إيقافهم عن الصدور أو تغريمهم أو منعهم من الصدور لفترة محدودة أو التدخل في أشكال صياغتها للأخبار، أو منعها من نشر أخبار تكشف عن وقائع الفساد، أو تميط اللثام عن صفقات سرية تضر بالمصالح الوطنية والعامة يقوم بها السياسيون وغيرهم من أصحاب المصالح الضيقة.

وتعد المواد من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى مواد أخرى في الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، والمؤتمرات التي تتناول حرية الصحافة والتعبير، بمثابة أساس لحرية الصحافة والصحفيين التي ينشدها العاملون في الصحافة في بلادنا وفي العالم، خصوصا أن عددا من الدول العربية قد قامت بالتصديق والتوقيع على المعاهدة الدولية للحريات المدنية والسياسية.

   لكن التصديق على العهد الدولي لا يعني أن هذه الدول تتقيد في قوانينها بما جاء في هذا العهد من صيانة لحق حرية التعبير أو إطلاق للحريات الصحفية، أو احترام لحرية الفرد، وكذلك تمكين الصحفي من الحصول على المعلومات وحرية بثها بالطرق والوسائل التي يراها مناسبة. فبخلاف ما نصت عليه الشرائع الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتي تشدد على حرية التعبير وحق الحصول على المعلومات ونقلها إلى الآخرين وبثها بالطرق التي يرتئيها الفرد مناسبة، فإن الدساتير في معظم الدول العربية قيدت إصدار الصحف ومنح تراخيص البث الإذاعي والتلفزيوني، وكافة وسائل الإعلام، وربطت هذا الحق بسلطات الدولة المختلفة.

 ومن هنا فقد اشترطت السلطات الموريتانية الترخيص أو التصريح السابق للسماح لمنصنات الاخبار بالصدور، وبما أن السلطات المخولة لمنح التراخيص قد ترفض السماح لجهات أو أشخاص معينين بإطلاق منصات للاخبار، أو إنشاء إذاعات على الاثير أو قنوات تلفزيونية أرضية أو فضائية دون إبداء الأسباب، مما قد يضطر عدد من الصحفيين والاعلاميين إلى الهجرة إلى بلدان أخرى أجنبية في الغالب، لإنشاء مؤسساتهم وذلك لأسباب تتعلق بالحرية المتاحة وغياب الشفافية لدي المسؤولين و قادة السلطة الإدارية .

واللّٰه ولي التوفيق